top of page
Post: Blog2_Post

ارتقاء الإنسان

  • Writer: Maan Bayya
    Maan Bayya
  • Jan 12, 2019
  • 9 min read

* حصاد الفصول

إن تاريخ الإنسان مقسم في شكل غير متكافئ , و قد عاش الإنسان ما لا يقل عن مليون عام و هو يهيم على وجهه في مجموعات أسرية , و يقوم على جمع الطعام من ثمار النبات البري , و يصيد الحيوانات كي يأكل اللحم نيئا مع أسرته , و كانت معيشة الإنسان أقرب إلى معيشة الحيوان .

إن النقطة المهمة في النسبة إلى التطور الحضاري هي مرحلة البداية و الإنطلاق , و السؤال المطروح في هذا المجال هو : لماذا بدأ التطور الحضاري , الذي جعل الإنسان سيد على هذه الأرض .


* نسيج الحجر

أصبح الإنسان عاملا في هندسة بيئته , و لكنه لا يملك قوى التقارب مع الطبيعة , و قد كان أسلوبه في ذلك و ما زال انتقائيا و اختياريا , و هو منحى ثقافي يعتمد فيه العمل على الفهم , و في المقالات السابقة لي , كانت تركز منذ بدء خلق الله إلى الإنسان , كانت هذه المقالات تتركز حول الشرق الأوسط , لأن بدء خلق الإنسان إلى الحضارة كان هناك , و قد حان الوقت الآن كي نتذكر أن الإنسان موجود في كل القارات أيضا , إن وادي (دوتشيللي) في أريزونا , هو وادي سري و يأخذ الألباب , و قد تعاقبت على السكن فيه القبائل الهندية الواحدة تلو الآخرى .

أما لماذا ابتدأت الحضارة متأخرة جدا في العالم الجديد مقارنة في العالم القديم , من الواضح أن السبب يرجع إلى أن الإنسان قد جاء إلى العالم الجديد في وقت متأخر , و القبائل الهندية في شمال و جنوب أمريكا لا تحوي دمائهم كل أنواع و مجموعات (الزمر الدموية) , و الموجودة لدى باقي سكان العالم الآخرين , و جميع قبائل منطقة جبال الأنديز و أمريكا الوسطى تنتمي زمر الدم لديهم إلى المجموعة (O) و لا يوجد زمر دموية لديهم من النوع (A) و لا يسعني هنا أن أرى أي تفسير معقول , سوى الإعتقاد في أن الهجرة الأولى كانت مجموعة صغيرة من الناس ذوي القربى أو من عائلة واحدة , لكن ثمة عمل آخر إلى اليد البشرية يختلف و يتعارض مع ذلك , و هو شق الخشب و تقطيع الحجارة , و منذ العصر الحجري الاول و الإنسان يصنع الأدوات نتيجة محاولة تشكيل الصخر , و من طريقة تشكيل الإنسان إلى الحجر , تبين له أن الحجر له نسيج طبيعي .

إن فكرة اكتشاف نظام خفي في المادة , هي مفهوم الإنسان الأساسي , من أجل استكشاف الطبيعة و الشكل الهندسي الخارجي إلى الأشياء , و نحن بني البشر نرتبط مع أهلنا في إطار العائلة , و ترتبط العائلات في مجموعات قرابة , و ترتبط مجموعات القرابة كي تكون القبائل .


* البنية الخفية

ثمة غموض خاص و سحر غريب في علاقة الإنسان في النار , النار التي هي إحدى عناصر الأغريق الأربعة , و الإغريق قالوا أن النار هو أحد أصول المادة الأربعة , و التي لا يمكن إلى أي كائن العيش في النار , على عكس التراب , و الماء , و الهواء , و قد عرفنا أن العلوم الفيزيائية الحديثة تهتم كثيرا في البنية الدقيقة و الخفية في المادة .

و لو نحن تصورنا الخطوة التالية , و ذلك وفق المفاهيم العلمية الحديثة , سوف نجد أن ما كان عمله أمر سهل إلى الغاية , ذلك أننا نعرف الآن أن النحاس هو معدن نقي , و النحاس مادة لينة نسبيا , لأن بلورات النحاس تترتب في طبقات متوازية , مما يسهل إنزلاق طبقة فوق طبقة آخرى , و يمكن جعل النحاس أصلب , من خلال الطرق , و الذي يؤدي إلى تحطيم البلورات الكبيرة و يجعلها تتداخل و تمنع الإنزلاق .

ثم أتى البرونز إلى الصين من الشرق الأوسط , حيث تم اكتشاف البرونز حوالي 3800 قبل الميلاد , و يعتبر أوج العصر البرونزي في الصين هو بداية الحضارة الصينية , و هي حضارة أسرة (شانغ) قبل عام 1500 قبل الميلاد .

و صنع الصينيون القوالب من أجل صب البرونز من قطع فخارية , و هي (السيراميك) , و تصميم قوالب ساحرة جميلة الشكل .


* موسيقى الأجسام

تعتبر الرياضيات أكثر العلوم دقة و إحكام و أعمق فكرا , و في ذلك أجد متعة خاصة في وصف تطور و تقدم علم الرياضيات , لأن هذا العلم كان و لا يزال جزء أساسي من التأمل النظري الإنساني , و في مسيرة ارتقاء الإنسان , و مع ذلك هناك بعض المفاهيم التي يجب أن يتضمنها أي عرض إلى الرياضيات , مثل فكرة البرهان المنطقي , و فكرة القوانين الدقيقة في الطبيعة .

و قد أصبح هناك نظام عددي حتى عند الشعوب البدائية , ثم طور البابليون و الهنود و شعوب المايا النظام العددي , و كتابة الأعداد الكبيرة , ثم وجد (فيتاغورس) علاقة أساسية بين التناغم الموسيقي و الرياضيات , و ما قام (فيتاغورس) في اكتشافه , هو عند هز وتر مشدود , هذا الوتر يعطي نغمة موسيقية , و الصوت الصادر عن الوتر المشدود , فقط يكون منسجم إذا كان تقسيم الوتر إلى عدد صحيح من الأجزاء , و إذا كان هناك عقدة في الوتر يكون الصوت الناجم نشازا .

و الأجرام السماوية هي أجرام هندسية , و هذا الإنتقال من الحساب إلى الهندسة ليس فيه تعارض , الطبيعة تقدم لنا أشكال مثل , الموجة , البلورة , جسم الإنسان , و علينا نحن اكتشاف العلاقة العددية في تلك الأشياء , لقد كان (فيتاغورس) رائدا في ربط علم الهندسة في الأعداد , و قد برهن (فيتاغورس) على أن عالم الأصوات محكوم في الأعداد الصحيحة .


* رسول إلى النجوم

كان علم الفلك أول علم نشأ في حضارة منطقة البحر الأبيض المتوسط وفق المفهوم الحديث في العلم , و من الطبيعي أن يتوصل الإنسان إلى علم الفلك مباشرة من علم الرياضيات , و إن قليلا من مبادئ علم الفلك موجودة في كل الثقافات , و كانت في شكل واضح مجال اهتمام الشعوب قديما في جميع أنحاء العالم , و هناك سبب واضح في ذلك , أن الفلك هو المعرفة التي تدلنا على دورة الفصول الأربعة , و هو ما يترتب على الإنسان أن يزرع أو يحصد أو ينقل قطعان الماشية من مكان إلى مكان آخر .

و ليس الفلك قمة العلم أو الابتكار , لكن كان علم الفلك في مثابة اختبار إلى الفكر و المزاج الكامن في حضارة ما .

ثم فكر (نيكولاس كوبر نيكوس) في وضع الشمس في مركز النظام الكوني , ثم جاء شاب أصغر سنا يدعى (يوهانس كبلر) و عمل في ما بعد في مدينة براغ , حيث اوضح (يوهانس كبلر) أن أفلاك الكواكب ليست في شكل دائري , إنما في شكل بيضاوي أو إهليجي كما ظن (كوبر نيكوس) , ثم جاء في عام 1564 (وليم شكسبير) و (غاليلو غاليلي) , و كان (غاليلو) رجل قصير القامة و عالم رياضيات و اخترع التلسكوب .


* الكون ساعة مهيبة الإنتظام

تخرج (نيوتن) من جامعة كامبردج سنة 1666 , و كانت هذه السنة هي سنة انتشار مرض الطاعون , هنا قضى (نيوتن) وقته في البيت , و هنا تبلورت في ذهن (نيوتن) فكرة الجاذبية الأرضية , و اختبر هذه الفكرة في حساب حركة القمر حول الأرض , و كان القمر رمز قوي في النسبة إلى نيوتن .

و قد وجه الدكتور (هالي) إلى (نيوتن) سؤال حول شكل المسار الذي سوف تتخذه الكواكب في الحركة حول الشمس , على اعتبار أن قوة الجاذبية نحو الشمس تتناسب تناسب عكسي مع حاصل تربيع المسافة بين الشمس و بين الكواكب , و أجاب (نيوتن) على الفور أن المدار الذي تدور فيه الكواكب يكون في شكل بيضاوي أو إهليجي , و له شكل القطع الناقص في الرسم الديكارتي , و سأله الدكتور (هالي) , كيف عرفت ذلك ؟ , رد عليه (نيوتن) , قد قمت في حساب ذلك , و طلب الدكتور (هالي) من (نيوتن) الإطلاع على هذه الحسابات , عاد (نيوتن) و بحث في أوراقه و لم يجد الحسابات , لكنه أعاد الحسابات من جديد , و قد استغرق ذلك ثلاث سنوات من عام 1684 - 1687 .


* الإنطلاق نحو القوة

إن الثورات لا تصنعها الأحداث , بل يصنعها الرجال , و لكن الثورات العظيمة التي حدثت في القرن الثامن عشر قام بها أناس أقل شأنا و عملوا معا مثل فريق واحد , و الدافع لهم كان الإعتقاد في أن الإنسان هو المسؤول عن مصيره و إنقاذ نفسه .

إن من المعروف به الآن أن لدى العلم مسؤولية إجتماعية , لكن هذه الفكرة لم تكن تخطر في بال العلماء , مثل (غاليلو) و (نيوتن) , حيث كان الظن عندهم أن العلم هو مجرد وصف عن العالم و الكون , و أن المسؤولية تكون فقط في قول الحقيقة , أما مفهوم العلم على أنه مؤسسة إجتماعية و تربوية , كان هذا شيء جديد و حديث , و قد بدأ منذ الثورة الصناعية , و نستغرب عدم وجود أثر المعنى الإجتماعي في مفهوم العلم , و لأننا نظن واهمين أن الثورة الصناعية أنهت عصرا ذهبيا .

إن الثورة الصناعية هي سلسلة طويلة من التغيرات , و التي بدأت حوالي عام 1760 , و هي ليست الثورة الوحيدة , هي احدى ثلاث ثورات , الثورة الأمريكية عام 1775 , و الثورة الفرنسية عام 1789 .


* سلم الخليقة

قدمت نظرية التطور في الإنتقاء الطبيعي (التطور و الإرتقاء) في بدايات عام 1950 , و هذه النظرية وضعها العالمان (تشارلز داروين) و (رسل والاس) , و كانا في الصميم من أنصار مدرسة الطبيعة , و هناك في الحقيقة مدرستان أو أسلوبان عن التعليل و التفسير , يسيران جنبا إلى جنب , خلال ارتقاء الإنسان , الأولي هي تحليل التركيب الطبيعي إلى العالم أو الكون , و الثانية هي دراسة عمليات الحياة من حيث الدقة و التنوع , و تذبذب دورة التطور من الحياة إلى الموت , إن تناقضات علوم الحياة , التي تجعل هذه العلوم مختلفة عن العلوم الفيزيائية , من حيث النوع و الشكل , حيث تبدو تفاصيل الطبيعة في كل مكان , و نحن نراها من حولنا في الطيور و الأشجار و العشب و البحار و الأنهار و الجبال و في كل شيء حي .


* عالم داخل عالم آخر

ثمة أشكال سبعة أساسية في البلورات في الطبيعة , هذه الأشكال السبعة دوما سلبت لب الإنسان , و من بين تلك البلورات و ابسطها شكلا , بلورة ملح الطعام , و قد اعتبر الكيميائي (باراسلسوس) الملح على انه أحد العناصر الأساسية التي يتكون منها الإنسان و الطبيعة , لكنه كان مخطئا من ناحية واحدة , و هي أنه وفق العلم الحديث الملح ليس عنصرا , بل الملح مكون من عنصرين من الطبيعة هما , الصوديوم , و الكلور , و هذا امر عجيب ! , الصوديوم ذلك المعدن الأبيض الذي يفور و يتبخر , يتحد مع غاز الكلور السام و الأصفر , و ينتج عن ذلك إتحاد مركب مستقر هو ملح الطعام .


* معرفة أم يقين

إن أحد أهداف العلوم الطبيعية هو إعطاء صورة دقيقة عن العالم أو الكون المادي , و إحدى منجزات الفيزياء في القرن العشرين , هي البرهان على أن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه , و حتى نفهم أكثر , نأخذ شيئا ماديا ملموسا مثل الوجه البشري , و أنا أتصور إمرأة ضريرة و هي تمر في اطراف اصابعها على وجه رجل تلمسه , و تقول : " أعتقد أنه رجل متقدم في العمر , و وجهه أكثر استدارة , و هناك خطوط على وجهه , ربما هي نتيجة معاناة و أسى , إنه وجه إنسان غير سعيد " , ذلك كان وجه (ستيفان بورغرافيتش) , الذي ولد في بولندا , حيث ولدت أنا , و نحن ندرك أن الصور التي يرسمها الفنانون , لا تحدد الوجه في قدر ما تغوص في أعماق الوجه , و هي تحاول اكتشاف ملامح هذا الوجه , و الفنان يقتفي تفاصيل الوجه كما لو أنه كان يلمس هذا الوجه .


* جيل بعد جيل

كانت مدينة فينا في القرن التاسع عشر , عاصمة إمبراطورية , و ضمت العديد من الأمم و اللغات , و كانت مركزا شهيرا في الموسيقى و الأدب و الفنون , و الأباطرة يذهبون , و لكن الإمبراطوريات تبقى , و كان الإمبراطور الجديد في النمسا شابا يافعا , يبلغ الثامنة عشر من العمر يدعى (فرانز جوزيف) , و أنت فترة ظهور عالم الاحياء (مندل) , حيث أنضم (مندل) إلى الرهبنة كي يحصل على فرصة التعلم , و في عام 1856 أعد بحثا في النبات , و اختار (مندل) نبتة البازلاء , و اختار سبعة خصائص في هذا النبات من أجل المقارنة في الصفات الوراثية , و بدأ في إنتاج نبات بازلاء هجين , نبات بازلاء طويل الساق , و نبات بازلاء قصير الساق .


* الطفولة الطويلة الأمد

استهل المقالة الأخيرة هذه في آيسلندا , لأن آيسلندا مهد اقدم ديمقراطية في شمال أوروبا , و في المدرج الطبيعي في (ثنغ فيلير) , و هو خالي من أي أبنية , كان يجتمع كل السكان الذين ينحدرون من أصل (نوردي) مرة كل عام , من أجل وضع القوانين , و قد بدأ هذا التقليد حوالي عام 900 ميلادية , و قبل وصول المسيحية إلى آيسلندا , و عندما كانت الصين إمبراطورية عظيمة , بينما كانت أوروبا نهبا إلى الأمراء و البارونات و اللصوص , كانت تلك الديمقراطية ملفتة إلى النظر , لكن هناك شيء اكثر غرابة في هذا الموقع , حيث الضباب الكثيف و الطقس القاسي , و قد اختير هذا المكان لأن المزارع الذي كان يملكه قتل أحد العبيد , و اعتبر هذا المزارع خارج عن القانون , حدث ذلك في الوقت الذي فقد فيه العدالة في حضارات آخرى , و مع ذلك إن العدالة أمر شائع يمشي عليه الإنسان متأرجحا بين ركبيته , من أجل تحقيق الأماني التي يرغب بها , و من جهة آخرى من أجل الإعتراف في المسؤولية الإجتماعية .

و ليس ثمة حيوان تواجهه تلك المعضلة , إذ أن الحيوان إما يكون إجتماعيا أو يكون فرديا , أما الإنسان هو الوحيد من بين المخلوقات الحية , الذي يرغب في أن تكون فيه هاتان الميزتان معا , أي يكون فرديا و إجتماعيا في نفس الوقت , و في النسبة لي تبدو هذه الصفة سمة بيولوجية فريدة .

إن من المذهل أن نفكر أن العدالة جزء من التركيب البيولوجي في الإنسان , و مع ذلك إن هذا التفكير ذاته , هو الذي جعلني اخرج من علم الفيزياء إلى علم الحياة , و علمني منذ ذلك الوقت أن حياة الإنسان و بيته هما المكان الصحيح , من أجل دراسة تفرد الإنسان في المزايا البيولوجية الخاصة به .


ارتقاء الإنسان

ج . برونوفسكي

 
 
 

Opmerkingen


Subscribe Form

Thanks for submitting!

00962786420324

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn

©2018 by Maan Bayya Educational Website. Proudly created with Wix.com

bottom of page