اكتشاف الذات
- Maan Bayya
- Oct 18, 2018
- 6 min read
دليل التميز الشخصي
* الوعي الذاتي
الجهل أخطر مشكلة واجهها الإنسان على مدار التاريخ , و المجتمعات التي يَغلب عليها الإنغلاق , و التي تخضع إلى برمجة قاسية من العادات و التقاليد المبهمة , تعمق جهل أبنائها في انفسهم , من خلال عزلهم عن المجتمعات الآخرى , و من خلال تقديم معارف مغلوطة أو معارف مشوهة , و تصبح نظرتهم إلى أنفسهم نظرة مضطربة , مثل الذي ينظر في مرآة مقعرة أو مرآة محدبة .
و من أشد أنواع الجهل خطورة , هو جهل الإنسان إلى نفسه , هذا يسبب له الكثير من الارتباك , و لا يجوز الظن أن معرفة الإنسان إلى نفسه معرفة سهلة , أو معرفة في متناول اليد , بل معرفة الإنسان في نفسه , هي معرفة بالغة التعقيد , و ليس هناك من الإسراف في القول , أن الطبيعة البشرية , هي عبارة عن لغز كبير يجب حله .
و جميع الدراسات النفسية و الاجتماعية و التربوية , و على الرغم من غزارة هذه الدراسات , ما زالت عاجزة عن معرفة الطبقات العميقة للنفس البشرية , و الذات البشرية ليست كتلة صلبة , أو كتلة طبيعية سهلة , بل الذات البشرية , هي ذات مركبة من طبقات بعضها فوق بعض , و أفضل استثمار هو في مجال المعرفة , هو معرفة الذات , و معرفة أحوالنا الخاصة , و الوقوف على القدرات و الطاقات الكامنة في داخلنا .
* العقيدة و المبدأ
التواصل الكوني الهائل , و الذي يأخذ في الاتساع , أتاح للناس قدر كبير من المقارنة بين أشياء كثيرة جدا , و المقارنة هي رافد من روافد الوعي , و المقارنة أيضا هي وعاء كبير من نشوء الأفكار و العلوم المعرفية , و لكن المشكلة الكبرى , هي أن كثير من الناس لا يستطيعون من الوصول من خلال هذه المقارنات , إلى ملخصات راشدة , و دون الوصول إلى قناعات جديدة افضل من القناعات السابقة .
و العولمة في عالمنا اليوم , تعمل على وجود مفهوم (الصفقة) , حيث بات عدد كبير من الناس ينظرون إلى أشياء كثيرة , على أنها يمكن أن تتم فيها عمليات البيع و الشراء , و حيث تكون هناك المساومات و التنازلات , حتى يتخلى الناس عن عقادئهم و مبادئهم و ثوابتهم , من أجل تحقيق بعض المكاسب السريعة , في مصطلح يطلق عليه (فرصة العمر) , بينما في لحظة , و من خلال
المبادئ , يتم التعرف على الطريق الصحيحة , و يتم التعرف أيضا على الطريق الخطأ , و على الأبواب المفتوحة و الأبواب المغلقة .

* السلوك
السلوك هو مجموعة من العادات , و الذي يحدد نوعية سلوك الأفراد و الجماعات , هو نوعية الأعمال و النشاطات اليومية , و التي يقومون بها , و نحن في حاجة إلى ردم الهوة بين القيم و المبادئ و بين السلوك , من خلال رفع مستوى الجودة و النوعية في الأعمال المنجزة , و التي نقوم بها , و لا ريب أن مثل هذا الارتقاء ليس سهلا على الذات , و لكن من يقول أن القيام في التكاليف و الواجبات , هو شيء محبب إلى النفوس .
و التغيير دائما ينطوي على قدر من المشقة , و لكن لذة النصر على الذات , و عملية تطويع الذات , و اجتياز العقبات , تنسي المرء طعم المعاناة .
* الفكر
اكتشاف الذات من جانب الفكر , هو على درجة عالية من الأهمية , حيث أن إدراك الذات , و البئية المحيطة , و الفرص المتاحة , و التحديات , يتم كل ذلك من خلال البنية الفكرية , و التي يمتلكها المرء , و التفكير عملية شاقة جدا , و التفكير يهدف إلى ولادة شيء معلوم , من خلال شيء مجهول , و الوصول إلى نتائج و معلومات , و الكثير من الأشخاص لا يستطيعون استخدام الإمكانات الذهنية لديهم على نحو مقبول , لأن مجموعة السلوك و العادات تضع جدار عازل بين التفكير و بين الذات , من خلال العادات و المفاهيم الخاطئة , و التي اصبحت عند كثير من الأشخاص روتين يومي , و لا تستند هذه العادات و المفاهيم الخاطئة إلى أساس علمي و فكري سليم , بل هو تقليد أعمى .
* العلم و المعرفة
في هذه الأيام باتت حاجة الفرد منا , إلى مزيد من القراءة المنظمة , و الإطلاع و المعرفة أكبر في كثير من أي وقت مضى , إذ كلما زادت المعارف المتاحة و المتداولة , كلما اتسعت منطقة المجهول في النسبة لنا , و إن التدفق السريع في المعلومات , يجعل في حوزتنا معارف و معلومات قديمة , و لا علاج إلى هذه المشكلة , إلا من خلال زيادة القراءة و الاطلاع على كل ما هو جديد في عالم المعرفة .
* التعامل مع المشكلات
ليست المشكلات عبارة عن أزمات و ظروف قاهرة تعكر مزاج أي واحد منا و حسب , و لا تشكل هذه المشكلات إلا جزء بسيط , بينما الجزء الاكبر من المشكلات , يأتي من مساحة الفجوة الكبيرة بين واقعنا و بين الوضعية التي نطمح نحن لها .
و قبل أن تفكر البشرية في عبور المحيطات , حيث لم تكن هناك أي مشكلة في هذا الأمر , و لكن عندما بدأ العلماء في التفكير في حل هذه المشكلة , من خلال الطائرات و السفن .
* زيادة الإنتاجية و الجودة
كثير من الناس يسوّغ سوء الإنتاجية لديهم , من صعوبة الظروف و قلة الموارد , و كثير من الأشخاص حققوا أرقاما قياسية في زيادة الإنتاجية و الجودة و النجاح , على الرغم من كون هؤلاء الأشخاص قد عانوا من ظروف بالغة القسوة .
و الحقيقة أن تحديد مقاييس صارمة في هذا الشأن غير ممكن , و لا سيما إذا أردنا أن نتعرف على العقلية الفكرية و النفسية , و أن السبيل المتاح إلى التقييم , هو التقييم من خلال المقارنة بين إنجازات الأفراد أنفسهم , و إذا استطاع أي فرد أن يعمل كل يوم ساعة واحدة , في أي فكرة أو مشروع و ثم استمر في هذا العمل إلى مدة خمس سنوات , هذا الفرد سوف يخرج في نتائج باهرة و مذهلة و مدهشة , و أول من سوف يدهش من هذه النتائج الباهرة , هو الفرد نفسه .
* التفوق و النجاح
كل واحد منا عبارة عن مخطوطة فريدة , و كل واحد منا يتمتع في خصائص عقلية و نفسية فريدة ايضا , كما أن ظروف التربية تجعل كل واحد منا يختلف عن الآخر , و يحمل طموح و ذكريات مختلفة , و هناك أيضا تفرد نظرة كل واحد منا إلى الحياة , و تفرد كل واحد منا إلى التفاعل مع الاحداث , و استثمار الفرص , و الاستجابة إلى التحديات , هذا في الطبع لا يلغي القواسم المشتركة بين البشر .
و لو تاملنا في الفواراق الجوهرية بين البشر , لا نجد هناك فوراق كبيرة , و لكن إذا نظرنا في الإنجازات و النجاحات , و التي يحققها الأشخاص المتشابهون , نحن سوف نجد هناك تباين كبير في هذه النجاحات , و سبب ذلك لأن وعينا في ذواتنا , يختلف اختلاف كبير من شخص إلى شخص آخر , إن من الثابت أن هناك أخطاء قد يرتكبها بعضنا , مثل احتقار الذات , أو الغرور , أو الكسل , أو عدم وضوح الرؤية , يمكن أن تصيب فاعلية الواحد منا في الشلل التام , و تسبب له عدم تحقيق أمور كثيرة , كان من الممكن الوصول لها , في سبب العطل الذي أصاب جانب من جوانب الشخصية عند أي أحد منا .
* الإبداع
تدل بعض الدراسات , على أن الطفل يولد على درجة عالية من القدرة على الإبداع , و أن الأطفال حين تكون أعمارهم بين عمر 2 - 4 سنوات , يكون لديهم 95 % منهم مبدعين و مجددين , و إمكاناتهم في الارتقاء عالية جدا , و لديهم القدرة على التجريد و التخيل النشط .
و قد أجريت دراسات على مجموعة من الأطفال في عمر 7 سنوات , و تبين أن نسبة المبدعين فيهم , قد انخفضت إلى نسبة 4 % , و نحن دائما نظن أن الأطفال لا يستوعبون الحديث عن الإبداع و القيادة و اتخاذ القرار , و الدراسات تثبت ان الطفل يستطيع أن يفهم شيئا من هذه الأمور , و هو في سن 4 سنوات .
* تدبير الشؤون الخاصة
يتمثل هذا الامر في جانين هما :
1 - جانب المحافظة على الجسم و العقل .
2 - جانب تدبير شؤون المعيشة , و العمل .
و يتمثل في تناول الأكل الصحي , و تجنب البدانة , و ممارسة الرياضة , و النشاط الذهني , في القراءة و المطالعة , و في جانب العمل , ترتيب سير أمور الحياة اليومية .
* العلاقات الاجتماعية
الجانب الاجتماعي هو أحد أهم الجوانب في شخصية كل واحد منا , و من المجتمع , و نواة هذا المجتمع , و المتمثل في الأسرة و العائلة , و المجتمع هو الذي يحدد لنا قيم الخير و قيم الشر , و الحق و الباطل , و الصواب و الخطأ , و المجتمع هو سبب سعادة و بهجة أي فرد منا في هذه الحياة , و كلما ارتقى الإنسان إلى درجة أعلى من الكمال , زادت الحاجة لديه إلى الآخرين , و صار زيادة هذا الكمال مرتبطة في العلاقات الجيدة مع الآخرين , و في هذا الزمن , باتت القدرة على العمل ضمن فريق عمل , شرط ضروري في إنجاز المشروعات العملاقة .
* نحو المستقبل
المستقبل شيء لا يستطيع أي واحد منا معرفة ما هي النتائج , و التي قد تحصل لنا , و التخطيط هو المحرك الأول نحو المستقبل , و هو الجهد الذهني و المعرفي , و الذي يبذله المرء في تصور الاوضاع و الإمكانات المستقبلية , و تتلخص في وضع برامج و جداول عمل واضحة و محددة , من أجل الوصول إلى الهدف المنشود , و أيضا مواجهة الظروف المستقبلية .
و التخطيط وحده هو من يمكننا من النجاة , و المستقبل هو الغيب الذي لا يستطع أي أحد معرفة نتائجه , حيث أن من شأن التخطيط المساعدة على البحث في تأمين الموراد المطلوبة في إنجاز الأهداف , و مجرد البحث عن الموارد يولد الوعي في الإمكانات الكامنة , و الذي يدفع في التالي إلى البحث عن طرق استغلال هذه الإمكانات في شكل فعال .
اكتشاف الذات
دليل التميز الشخصي
أ . د . عبد الكريم بكار
Comentarios