المدرسة و المجتمع
- Maan Bayya
- Dec 21, 2018
- 7 min read
* المدرسة و التقدم الإجتماعي
نحن نميل إلى النظر إلى المدرسة من وجهة نظر فردية , و ذلك من خلال وصف المدرسة أنها شيء بين المعلم و الطالب , أو بين المعلم و الآباء , لأن أكثر ما يثير اهتمامنا , هو في الطبع التقدم الذي يحرزه الطفل في المعرفة , و النمو الجسدي , و التقدم من خلال الاقدرة على القراءة و الكتابة و الحساب , و المعلومات الجغرافية و التاريخ , و الاستعداد و التهيؤ للقيام في الأعمال , و في النظام و المواظبة , و في مثل هذه المعايير , نحن نقيس عمل المدرسة , و نحن على حق في ذلك , و مع ذلك إن مدى نظرتنا هذه في حاجة إلى توسع , لأن ما يريده أفضل الآباء لأطفالهم , يجب ان يستهدفه المجتمع لكل اطفاله , و أي نموذج آخر إلى مدارسنا غير هذا النموذج , يكون نافص و غير مقبول , و كل ما يقوم به المجتمع من رعاية المدرسة , يكون هذا في رصيد أعضاء هذا المجتمع في المستقبل , و المجتمع يحقق أفضل الآراء عن نفسه , من خلال الإمكانات الجديدة , و التي تفتح في المستقبل , حيث تتحد الروح الفردية مع الروح الإجتماعية , و لا يمكن للمجتمع أن يكون صادق مع نفسه , و في أي صورة كانت , إلا إذا كان هذا المجتمع صادق في تسيير النمو التام لجميع الأعضاء , و الذين يؤلفون هذا المجتمع , و ليس في هذا التوجيه الذاتي , شيء أكثر أهمية مثل المدرسة , و كما يقول (هوراس مان) (Horace Mann) ," حينما ينمو شيء ما , يكون هناك مؤسس أو منشئ واحد يعادل الف مصلح أو مجدد " , و عندما نبحث في حركة جديدة في التربية , من الضروري جدا أخذ وجهة نظر واسعة , أو وجهة نظر اجتماعية , و إلا إن التغيرات التي تحدث في المؤسسات المدرسية , و في التقاليد , سوف ينظر إليها على أنها تبديلات تعسفية يقوم بها المعلمون , هذا على أكثر التقديرات سوء , أما أفضل التقديرات , يمكن القول عنها انها مجرد تحسينات في التفاصيل الخاصة .
* المدرسة و حياة الطفل
في الفقرة السابقة كان الحديث عن العلاقة بين المدرسة و المجتمع , و هنا ارغب في النظر إلى المسألة من جانب آخر , و هو التأمل في علاقة المدرسة في حياة الطالب , و إلى صعوبة ربط المبادئ العامة في أشياء ذات كيان إلى حد بعيد , مثل الأطفال الصغار مثلا , و قد سمحت لنفسي تقديم مقدار وافر من المادة التوضيحية , في عمل المدرسة الإبتدائية الملحقة في الجامعة , لعل القارئ يستطيع تقدير الطريقة , و التي تم فيها تقديم الآراء , و كيفية القيام في عمل التطبيق العملي , أنا كنت قبل سنين قليلة أبحث في مخازن التجهيزات المدرسية في المدينة , و أحاول إيجاد مناضد و كراسي تلائم إلى درجة جيدة حاجات الاطفال , من النواحي التربوية و الصحية و الفنية العملية , و جابهت صعوبة شديدة في الحصول على ما كنت في حاجة له , و اخيرا قال أحد الباعين , " أني اخشى ألا تجد عندنا ما تريده , هذا لأنك تريد اثاث يستطيع الأطفال العمل عليه , بينما كل ما تراه عندنا , هو اثاث مصنوع من أجل الإصغاء , أي ان يجلس على هذا الاثاث الاطفال من أجل الاصغاء " , و هذا البائع قد لخص علينا كل حكاية التربية التقليدية .

* تّلف التربية
إن تّلف التربية يكون نتيجة نقص التنظيم , و إن الدافع المستقر وراء التنظيم , هو الزيادة في الاقتصاد , كما أن مسألة التلف ليست مسألة واحدة , من مسائل التلف في المال أو الأشياء , و مع أن هذه الأشياء ذات أهمية , إلا أن التلف الرئيسي هو في حياة الإنسان , و في حياة الأطفال الذين لا يزالون في المدرسة , و ما ينقص عن فقدان التنظيم بعد ذلك , من خلال الفساد و النقص في الإعداد .
و عند الكلام عن التنظيم , نحن لا نتكلم عن الأشياء الخارجية , و التي تسمى نظام المدرسة وحدها , و لا عن هيئة التدريس في المدرسة , و لا عن بناء المدرسة , و لا عن حصص المعلمين في المدرسة , و لا عن ترفيعات المعلمين , مع أن هذه الأشياء هي في داخل النظام , و لكن التنظيم الاساسي , هو في تنظيم المدرسة نفسها , من خلال وصف المدرسة , في المجتمع المصغر , أو مجتمع افراد ذات علاقة في أوجه آخرى من الحياة الإجتماعية , و إن التلف كله ناشئ عن عزل المدرسة عن هذه الاوجه الآخرى , و التنظيم ليس إلا ربط الأشياء الواحد تلو الآخر , حتى تجري العملية التربوية في سهولة و مرونة و على أكمل وجه , و عند الكلام عن مسألة التلف في الترية , أرغب في توجيه انتباهكم إلى العزلة , و التي تكون لها اوجه عديدة من نظام المدرسة , و إلى النقص في توحيد أهداف التربية , من خلال الترابط و التوافق و طرق التدريس فيها .
* التربية الإبتدائية
من الطبعيي أن اكثر الاشخاص مهتمون في ما يجري يوم بعد يوم في المدرسة , و هذا على صلة مباشرة مع الأطفال , و هذا الكلام يصح على الآباء , و الذين يرسلون أبنائهم من أجل احراز نتائج شخصية , و التي يرغبون في احرازها , ليس من أجل تحسين نظرية التربية , و هذا الكلام يصح في الغالب على زوار المدرسة , و الذين يميزون في درجات مختلفة ما يمكن القيام به في شكل عملي أمام عيون الأطفال , لكن قلما تكون لهم الرغبة أو الوقت , من أجل اعتبار علاقة العمل المدرسي في المشاكل , و التي منحت العمل المدرسي أهمية كبيرة , و المدرسة لا تستطيع أن تغفل النظر في هذه الناحية من عملها , و لأن المدرسة و في الالتفات إليها فقط , تستطيع أن تحافظ على ثقة القائمين عليها , و على ثقة و حضور الطلبة , و أهم قسم في المدرسة هو القسم العملي , لأن هذا القسم يقدم التفكير التربوي , لكن الغرض في تربية عدد معين من الاطفال , لا يبرر انفصال الجامعة عن التقليد , و الذي يقتصر عملها على اولئك الذين انهوا تعليمهم الثانوي , لأن المدرسة من هذا النوع ما هي إلا مختبر لعلم النفس التطبيقي , و العلم يفسح مجالا لدراسة العقل , كما أنه يُظهر نمو عقل الطفل .
* مبادئ فروبل التربوية
إن تطبيق المبادئ الخاصة لدى فروبل (Froeble) , و هنا الحديث في صورة عامة عن هذه المبادئ , و هي التالي :
1 - إن مهمة المدرسة الأولى , هي تدريب الأطفال على الحياة التعاونية ذات المساعدة المتبادلة , كي تغذي في الأطفال فهم الوعي المتبادل , و تساعد الاطفال عمليا في خلق التوافق , من أجل تطبيق هذه الروح في أعمال الأطفال الظاهرة .
2 - إن الأساس أو الجذر الأولي في الفعالية التربوية , يكون مستقر في الاتجاهات الفطرية الإنبعاثية , و في فعالية الطفل , و ليس في تقديم أو استعمال المادة الخارجية .
3 - تنظيم الميول الفردية و الفعاليات , و تنظيم طرق استخدام هذه الميول الفردية , كي تكون قوام العيش التعاوني .
- قيمة اللهو و الألعاب
يلزم أن لا نقرن اللهو , في أي شيء يفعله الطفل في الخارج , لأن الطفل على الأغلب يخصص اتجاهه العقلي في صورة مجموعة موحدة , و اللهو و اللعب تتداخل فيه كل قوى الطفل , و كل حركات جسده , كل تصورات الطفل و ولعه و استمتاعه في اللعب .
* المهن و التمرينات
لا يقصد في المهن أي نوع من العمل أو التمرينات , و التي تعطى للطفل , كي تمنع الكسل و الخمول عن الطفل , عندما يطول جلوس الطفل على المقعد , لكن اقصد في المهن , هو نوع الفعالية التي يقوم بها الطفل , و ينتج عن هذه الفعالية نوع من العمل , و هو الذي يوازي العمل في الحياة الإجتماعية , و الناحية النفسية من المهن , هي المحافظة على التوازن بين الخبرة الفكرية و الجوانب العملية .
* تنمية الإنتباه
إن قسم الدراسات دون المستوى الإبتدائ , أقصد قسم رياض الأطفال , و الذي يعمل على دراسة مشاكل تربوية ناجمة عن محاولة ربط عمل رياظ الأطفال , مع عمل المدرسة الإبتدائية , و إعادة تكيف المواد و اسلوب استعمالها , كي تلائم الأحوال الإجتماعية الراهنة , و معرفتنا في علم وظائف الأعضاء , و في علم النفس في الوقت الحاضر .
إن الأطفال لديهم ملاحظات و أفكار , و تكون هذه الأفكار موجهة في صورة أساسية نحو الناس , و الاطفال يلاحظون ما يفعل الأشخاص الكبار , و كيف يتصرف الأشخاص الكبار , و ما الذي يشغل هؤلاء الأشخاص الكبار , و ما الذي ينتجه هؤلاء الأشخاص , و ولع الطفل هو ولع شخصي , أكثر مما هو ولع موضوعي أو عقلي , و يقابل الولع العقلي , الولع القصصي , و ليست المشكلة أو المهمة ذات الغاية , و التي حددت في وعي الطفل , و المقصود في الولع القصصي , هو شيء نفسي , و هو تجميع اشخاص مختلفين , و أشياء وحوادث ضمن فكرة عامة , و ليس منفذ خارجي للحكاية أو القصة , و أفكار الاطفال تبحث عن الأشياء الكلية .
* الغاية و الهدف من تريس التاريخ في المدرسة الإبتدائية
إذا اعتبرنا التاريخ سجل الماضي , يكون من الصعب أن نجد أسس من أجل الإدعاء في وجوب أن يكون التاريخ له دور في مناهج الدراسة الإبتدائية , و الماضي مات و علينا ترك الميت في سلام , و لدينا في الوقت الحاضر كثير من المتطلبات الضرورية , و الكثير من الاعمال , و نحن على عتبة المستقبل , و لا نسمح للطفل أن يغرق أو يغوص في شيء مر و انتهى إلى الأبد .
لكن ليس الأمر ذلك , عندما يعتبر التاريخ بيان و حساب إلى قوى الحياة الإجتماعية , و الحياة الإجتماعية لدينا على الدوام , لا يهمها التفريق بين الماضي و الحاضر , و لأن الحياة من أجل ما فيها , و الحياة تظهر الدوافع التي توحد الناس , و أيضا تظهر الدوافع التي تفرق الناس , و الحياة تصف كل ما هو مرغوب و كل ما هو مؤلم .
و على الرغم مما يعتبره المؤرخون من التاريخ , و الواجب أن يكون التاريخ في النسبة إلى المعلم أو المربي , هو صورة علم اجتماع في شكل غير مباشر , أي دراسة المجتمع من ناحية تشكيل هذا المجتمع و أنماط التنظيم فيه , و المجتمع القائم شديد القرب من الطفل , و لكن هذا المجتمع شديد التعقيد على الطفل أيضا , و إذا كان الهدف من تدريس التاريخ , هو تمكين الطفل من تقدير قيم الحياة الإجتماعية , و أن يرى و يتخيل الطفل القوى التي تسمح في التعاون المستمر , و أن يفهم الطفل الأسباب التي تساعد المجتمع على التقدم و التطور , و الأسباب التي تعوق تطور المجتمع , و لا ينبغي أن يتم تقديم التاريخ , على اعتبار أن هذا التاريخ هو نتائج متراكمة و أحداث أو عبارات مجردة , و لكن يتم تقديم مادة التاريخ على أنها شيء مؤثر و مليء في القوة .
المدرسة و المجتمع
جون ديوي
The School And Society
John Dewey
Comentários