top of page
Post: Blog2_Post

النظرية المكانية في اختيار المكان المناسب للنشاط الاقتصادي

  • Writer: Maan Bayya
    Maan Bayya
  • Dec 21, 2018
  • 8 min read

* المقدمة

من أهم المشكلات و أكثرها تعقيدا , هي ما يتعلق في التغييرات التكنولوجية , و كيفية التجاوب مع هذه التغييرات , و التغيير الدائم الذي يحدث على طرق الإنتاج , و المواصلات , و التوزيع , يتطلب كل ذلك إعادة النظر في استمرار كيفية استعمال الأرض , و في صلاحية مكان الإنتاج , في الإضافة إلى ذلك , إن نزوح السكان من مكان إلى مكان آخر , و استمرار تزايد أعداد السكان من جهة آخرى , و انتقال الصناعات من مكان إلى مكان آخر , هي من العوامل التي تزيد الأمور تعقيدا في النشاط الإقتصادي , من أجل ذلك كل المسائل المتعلقة في التنمية العامة , و في تنمية الأقاليم , و في انتقال الصناعات , و انتقال السكان , كل تلك العوامل تؤثر في شكل سلبي أو إيجابي في النشاط الإقتصادي .

أما الأبحاث المتعلقة في اختيار المكان المناسب للنشاط الأقتصادي , عادة ما تجري ضمن نطاق من العبارات المبهمة , و غير المفهومة المعنى , و هذا دليل على أننا في حاجة قصوى إلى اسلوب تحليلي أفضل , و نحن نتسأل على سبيل المثال عن معنى بعض العبارات المستعملة حاليا , ماذا تعني عبارة , الفوائد الإقليمية المتوازنة (Balance Regional Economics) , أو عبارة المنافسة العادلة بين الأقاليم (Fair Competition among regions) , أو عبارة التصنيع (Industrialization) , أو عندما نتسأل عن عبارة اللامركزية (Decentralization) , و هل هذه العبارة تعني انتقال الصناعة إلى المدن الصغيرة , أو زيادة عدد المنشآت الصناعية الكبيرة , أو زيادة المساواة في توزيع الصناعة بين الأقاليم , أو انتقال المنشآت من المدن الكبيرة إلى الضواحي , عبارة اللامركزية تعني كل هذه الأمور حتى يومنا هذا .

و يجب أن لا ننسى توفر المصادر الطبيعية , و التي هي من أهم الأسس التي يجري طبق لها , توزيع الصناعة و السكان , و من الأفضل أن يزرع البرتقال في اقليم , و يزرع القمح في اقليم آخر , ثم وجود ميناء بحرى في اقليم ثالث , من أجل التوزيع و التسويق .

و لكن هذه العلاقة البسيطة و المباشرة بين أماكن توفر المصادر , و أماكن قيام النشاط الاقتصادي , لا تفسر لنا السبب في قيام صناعة السيارات , و صناعة الصوف في منطقة واحدة , و السبب يعود إلى تداخل عوامل اضافية في النشاط الاقتصادي , و أهم هذه العوامل هي الترابط الاقتصادي بين الصناعات من جهة , و بين المنشآت الصناعية المختلفة من جهة آخرى .

و هناك دائما ترابط بين الوحدات الانتاجية , و التي ينتج عن هذا الترابط , التقارب في أوجه النشاط بين هذه الوحدات الإنتاجية , أي أن اختيار منشأة إلى مكان ما , قد يؤدي إلى قيام منشآت آخرى جديدة في نفس المكان , و هذه المنشآت تكون ذات نشاط متقارب أو نشاط مكمل إلى المنشاة الأولى .

ثم أن هناك ترابط من حيث المكان الاقتصادي , و ذلك بين الإنتاج و الإستهلاك , و سوق المستهلك يتقرر على أساس التوزيع الجغرافي لدخل الفرد , و هذا في دوره يتوقف على مكان الإنتاج , و يمكن القول أن تغيير المكان الاقتصادي له أثر متجمع (Cumulative) , على أساس محاولة اختيار مكان قريب من السوق , و هذا في دوره يؤدي إلى زيادة الطلب في السوق , و كل هذا يشير إلى أنه لا يمكن تفسير اختيار الأماكن الاقتصادية , على أساس توزيع المصادر الطبيعية و السكان فقط .

و من أجل أن يتوصل المرء إلى فهم هذا الترابط الاقتصادي المعقد , على المرء أن يقوم في ذلك من خلال مراحل , و ذلك في دراسة جميع عوامل الجذب و الدفع المتبادل , و التي تؤثر على كل وحدة انتاجية , من أجل اختيار المكان الجغرافي المناسب للنشاط الاقتصادي .

و على المرء أن يبدأ أولا في النظر إلى حالة المستهلك أو المنتج , لكي يفهم الأسباب التي تدفعه إلى تفضيل مكان محدد على مكان آخر , ثم محاولة فهم أسس الترابط الاقتصادي بين المستهلك و المنتج , و التي تؤدي إلى خلق نماذج كاملة إلى أماكن صناعات مختلفة , و أماكن المجتمعات السكانية و الأقاليم .



* التفضيل المكاني

- نفقات النقل

إن نفقات توزيع الانتاج , و نفقات الحصول على المواد الأولية , أو المواد الخام و اللازمة للانتاج , هما من الأهمية في مكان , في حيث تدعو المنتج إلى اختيار الماكن المناسب من أجل الإنتاج , و ذلك إما في القرب من السوق , أو القرب من مصدر المواد اللازمة في عملية الإنتاج , و يؤدي ذلك إلى تخفيض نفقات النقل , و التي تعتبر السبب في الجذب المكاني لمختل المراحل الإنتاجية .

و هناك وسائل نقل تتطلب اقامة علاقات تجارية معينة , و من هذه الوسائل , السكك الحديدية , الطرق البحرية , الشاحنات و السيارات , الأنابيب , الطائرات , الحيوانات للطرق الجبيلة الوعرة , الأحزمة الناقلة للمسافات القصيرة , القوى البشرية للكميات الصغيرة , التوزيع الذاتي (Self - Delivery) ,

الأسلاك الكهربائية لتوزيع الطاقة الكهربائية , المواصلات اللاسلكية لنقل المعلومات و المفاوضات التجارية .

و كلما زادت مسافة نقل المنتج زادت نفقات النقل , و كذلك سعر التصنيع أثناء النقل (Fabrication in transit rate) , يمثل هذه الحالة , عند طحن الحنطة أثناء الشحن , أو الترتيبات الخاصة في التوقف في اماكن معينة , من أجل إكمال عملية التصنيع , هي من العناصر الهامة , و التي تحدد أسعار نقل هذه المادة , و التنافس بين شركات السكك الحديدية , من أجل إقامة مطاحن الحنطة , على طول خطوط النقل , و كي تضمن قيام القاطرات في نقل كل الحنطة و الدقيق , ذلك كان عامل هام أدى إلى إقامة مثل هذه المطاحن على معظم نقاط التوقف .

و البضائع سريعة التلف , أو البضائع الخطرة , أو البضائع سريعة الكسر مثلا , تحتاج إلى معاملة خاصة في عملية التحميل و التفريغ , و كل هذا يزيد من النفقات .


* أثر نفاقات النقل في النمط المكاني , (Locational Pattern)

يمكن تخفيض نفقات النقل , و ذلك عن طريق التقارب بين البائع و المشتري , و ذلك ضمن شبكة معينة من خطوط المواصلات , و هذا يزيد عادة في الفوائد على البائع و المشتري , غير إن هناك حالات يتحمل أحد الطرفين معظم نفاقات النقل , و هذا في طبيعة الحال قد يعود على أحد الطرفين في فائدة , من خلال محاولة التقرب من الطرف الآخر , و هذا قد يزيد من نفقات الطرف الآخر أيضا , أما الطرف الآخر يكون عادة على غير علم في العوامل الدافعة إلى هذا التقارب .

هناك بعض المنشآت التجارية , و التي تتلقى الطلبات عن طريق الهاتف , ثم توزع السلع ضمن منطقة تنظيم المدينة , هي تتحمل عادة جميع نفقات نقل هذه السلعة , و دون اعتبار للمسافة , من أجل ذلك يتحتم على أصحاب هذه المنشآت اختيار مكان مناسب , حتى يتمكنوا من تخفيض نفقات التوزيع .


* أثر نفقات النقل على التكتل الصناعي

إن العلاقة المكانية ما بين المنتجين المتنافسين على السوق , هي عادة تكون علاقة متنافرة , و التي تتمثل في محاولة كل طرف إيجاد سوق تقل فيه المنافسة , أما إذا هذا التنافر يفوق في قوته جميع الإعتبارات المكانية الآخرى , من أجل ذلك تميل المنشآت إلى الانتشار جغرافيا , و في شكل يتوافق مع حالة الطلب في السوق , على السلعة المنتجة لديها , و إذا فرضنا وجود عدد من الأسواق على طريق شبكة المواصلات , و التي تربط بين عدد كبير من المدن , لن يكون هناك مكان واحد يستطيع تزويد جميع هذه الأسواق , و ما يحدث عادة هو أن يقوم مُنتج واحد أو أكثر في اختيار مكان محدد لتزويد الأسواق القربية منه , بينما يقوم مُنتج آخر في اختيار مكان آخر لتزويد الأسواق القريبة منه أيضا , و يمكن اعتبار هذه الأسواق , و التي يزودها مُنتج أو أكثر , من خلال مركز توزيع واحد " مناطق تسويق" (Market areas) , و مناطق التسويق هذه تمثل ناحية واحدة فقط من العلاقة المكانية , و هناك أيضا " مناطق التزويد" (Supplay areas) , و ذلك من أجل المواد اللازمة , أما العلاقات المكانية تنطوي عادة على المزج بين النوعين من المناطق .

أما أثر التميز الجغرافي للأسعار في النسبة إلى مكان البائع , هو صعب التحديد , لكن في إمكان البائع جني فوائد جمة , و ذلك إذا كان البائع قريب من أحد الأسواق القريبة .


* نفقات الإنتاج و مكان المَنتج

إذا ما كنا نتسأل عن السبب في اختلاف نفقة انتاج مكيال واحد من الحنطة , أو عن اختلاف نفقة انتاج انتاج متر واحد من القماش , أو اختلاف نفقة انتاج سيارة من نفس النوع , في مكان و مكان آخر , يمكن الإجابة في القول , أن ارتفاع نفقة الانتاج قد يكون السبب في ذلك , و يمكن تفسيم نفقات الانتاج إلى أربعة أنواع , و هي التالي :

1 - آلات الانتاج .

2 - مكان الانتاج .

3 - الأيدي العاملة .

4 - الخدمات الحكومية العامة , مثل الحماية , و تعبيد الطرق و غيرها .

و قد حاولنا هنا التمييز بين تكاليف الآلات الانتاجية , و المكان الانتاجي , رغم أنه من الممكن أن نعتبر أن الدخل في كل منهما يعتبر فائدة أو ريع , أما في النسبة إلى اختيار المكان , يجدر بنا أن نميز بين نفقة المكان , و قيمة المكان , و التي تقرر على أساس المزايدة , بين الراغبين في ذلك المكان , أما قيمة الآلات المنتجة تقرر على أساس نفقة استبدال تلك الآلات , و نفقة الطلب البديل (Alternative Demand) , لها في مكان جغرافي آخر .

و يبدو الفرق واضح , إذا ما نظرنا إلى أثر التفاوت الجغرافي , على سعر الفائدة و الضرائب , و كلاهما الفائدة والضرائب , تؤثر على نفقة السلع الإنتاجية , أي أنه إذا ظلت العوامل الآخرى ثابتة , إن المكان ذات سعر الفائدة و الضرائب المرتفعة , سوف يزيد من النفقات , أما نفقة الاحتفاظ في مكان , لا تتأثر في شكل مباشر في سعر الفائدة , أو الضرائب المفروضة على ذلك المكان , و المكان ثابت جغرافيا , من أجل ذلك سعر المكان يساوي رسملة العوائد الصافية المتوقعة (Capitalization) , و ذلك بعد دفع الضرائب عليها .

أما المُنتج الذي يهدف إلى الحصول على وفرة انتاج , هو يحاول ايجاد مكان تتوفر فيه الخدمات الانتاجية الضرورية , في حيث يمكن انتاج السلع في أقل نفقة ممكنة لكل وحدة انتاج , و هذا يعني أن أسعار عوامل الانتاج , تساعد في تحديد الفوائد النسبية إلى أماكن الانتاج .


* التغيير المكاني

هناك أربعة اسباب رئيسية في التقيد في المكان (التقيد المكاني) , و هي التالي :

1 - الأسباب الفصلية , (Seasonal reasons) .

2 - الأسباب الدورية , (Cyclical reasons) .

3 - الأسباب الزمنية او الأسباب الاتجاهية , (Secular reasons) .

4 - الأسباب التكوينية أو الهيكيلة , (Structural reasons) .

و الأسباب الموسمية أو الفصلية , حيث يميل المُنتج و المستهلك , و ضمن حدود القدرة على الانتقال , إلى تغيير المكان على أساس موسمي أو فصلي , و المستهلك ذات القدرة المالية ينتقل إلى المصايف , و يتبع المُنتج ذلك المستهلك , على سبيل المثال تربية النحل , و تربية المواشي , أما الأسباب الدورية هي أطول مدة و أقل توقع , في حدوث التغيرات الموسمية , و هي تنتج عادة عن التقلب في معدل الاستشارات العام , مما يؤثر على مجموع الطلب لعوامل الانتاج و السلع الاستهلاكية , و عندما ينخفض معدل الانتاج تزداد معدلات البطالة بين عوامل الانتاج , مما يؤدي ذلك إلى التحفيز في إيجاد أماكن جديدة تعمل فيها .

أما الأسباب الزمنية هي تتمثل في التغير التدريجي في اتجاه معين , و يستمر فترة طويلة من الزمن , مثل تكاثر السكان مثلا , او استنزاف المصادر الطبيعية مثل المناجم , أما الأسباب الهيكيلة , تنتج عن التطورات التكنولوجية , حيث يتغير الاتجاه العام في صناعة معينة في صورة مفاجئة .


* اثر الحدود السياسية على التجارة

تلقى الفوارق بين التجارة الدولية و التجارة المحلية اهتمام أكبر , و معروف أن الساسة و أصحاب الأعمال يؤيدون سياسات التجارة الدولية , و لا يجدون تلك السياسات مستساغة في ميدان التجارة المحلية , مثل تأييد الحماية و فرض القيود و تبادل العملات مثلا .

و لا مناص في أن يتحمل الخبراء الاقتصاديون بعض المسؤولية في ذلك , و ذلك في سبب إهمالهم تأكيد أوجه التماثل في التجارة على الصعيد العالمي و المحلي , و في سبب معالجة هؤلاء الخبراء , مشاكل التجارة الدولية على أساس فروض تختلف كليا , عن اعتقادهم في ما يتعلق في التجارة المحلية من جهة , و المكان الاقتصادي من جهة آخرى .



* الأهداف المكانية و السياسة العامة

إن أثر النشاط الحكومي على اختيار مكان النشاط الاقتصادي , هو في ازدياد مستمر مع الزمن , و ذلك لأن السلطة الحكومية تؤثر على الحياة الاقتصادية , كما أن الموازنة العامة , هي في زيادة مستمرة في النسبة إلى مجموع الدخل و المصروفات الفردية , و نجد نحن من ناحية آخرى , أن المكان الاقتصادي في دوره يؤثر إلى حد ما على السياسة الاقتصادية الحكومية , و الحكومة أو السلطة تعطي الأماكن التي توجد فيها استشارات حكومية اهتمام كبير , هذا في الإضافة إلى أن الحكومة تعتبر نفسها , هي المسؤولة عن الرفع من شأن المناطق و الأقاليم الآخرى و زيادة التنمية , و تحسين حالة التشغيل العامة .

لا يوجد هناك مقياس معين لتقرير , إذا كانت سياسة اقتصادية معينة , هي سياسة مرغوب بها فعلا أم لا , و ذلك لأن النتيجة العادية إلى أي إجراء حكومي , هو مساعدة بعض الفئات الاقتصادية أو الأماكن , و مد هذه الأماكن في الخدمات , من خلال وصول شبكات الكهرباء و المياه إلى تلك الأماكن , و تعبيد الطرق , وقد يكون ذلك في مصلحة تلك الفئات الاقتصاية على حساب غيرهم الفئات , من أجل ذلك إن خير سبيل لدى تقدير فعالية أي سياسة يتم عن طريق المقارنة , بين الفوائد و الأضرار التي قد تنجم عنها , و إذا كانت الفوائد أكبر من الأضرار , يمكن اعتبار تلك السياسة الاقتصادية , سياسة جيدة .


النظرية المكانية / في اختيار المكان المناسب للنشاط الاقتصادي

ادجار هُوفر

The Location of Economic Activity

Edgar M. Hoover


 
 
 

Comments


Subscribe Form

Thanks for submitting!

00962786420324

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn

©2018 by Maan Bayya Educational Website. Proudly created with Wix.com

bottom of page