top of page
Post: Blog2_Post

ثقافة الصورة

  • Writer: Maan Bayya
    Maan Bayya
  • Apr 3, 2019
  • 4 min read

* هل الصورة تتكلم ؟

في الحقيقة هذا السؤال محير , هل صحيح أن الصورة تتكلم , هل فكرت و أنت تنظر إلى المرآة , و ترى صورتك في المرآة , جرب لحظة و أنت أمام المرآة أن تكون مبتسما , و جرب في لحظة آخرى أن تكون عابسا , هل لاحظت أي فرق ؟ , في الحقيقة في كلا الحالتين لا تتغير سوى ملامح عضلات الوجه و الفكين , هنا يمكن لنا أن تقول أن الصورة نعم تتكلم , أقصد أن الصورة لا تتكلم مثل البشر , و لكن الصورة تعبر عن ما في داخل البشر .

هل حاولت مرة الجلوس لحظات قصيرة من الوقت , و أنت تبحث في ألبوم الصور الخاصة بك , و توقفت عند صورة محددة لها تأثير كبير في تغيير مجرى حياتك , حاول أن تأخذ هذه الصورة من جديد , و تأمل في هذه الصورة , تأمل في المكان و الزمان الذي تم التقاط هذه الصورة فيه , و تأمل الحدث أو المناسبة التي تم فيها التقاط هذه الصورة , انظر جيدا على كل زاوية من زوايا الصورة , و تأمل جيدا في خلفية المكان في الصورة , و عُدّ في الذاكرة إلى الوراء حيث يكون الزمن , في ماذا تفكر الآن ؟ , أنت تفكر في التعابير المناسبة , أو في وصف تلك اللحظة , أو ربما في حالة من المزج بين العاطفة و الذاكرة , هنا أقول لك نعم الصورة تتكلم .




* ثقافة الصورة

إن الصورة الثقافية التقليدية قد أخذت في التغير في عصرنا الحالي , لقد جاء هذا التغيير مع اختراع الصور المتحركة , و الصور المتحركة هي أحدى وسائل التعبير في السينما أولا ثم

في التلفزيون , ثم حصل التغيير المفاجئ و الكبير مع ظهور البث الفضائي التلفزيوني , هذه الصور التي تبث عبر محطات البث الفضائي دون رقيب , قد أحدثت تغير جذري من الكلمة المكتوبة التي هي روح الأدب و النثر و عنوان الثقافة الحقيقية , إلى صورة تلفزيونية و التي هي لغة جديدة و خطاب جديد , هذه الصورة لها صفة المفاجئة و المباغتة و التلقائية , و السرعة الشديدة و قوة المؤثرات البصرية .

و لا يمكن إلى هذا التغيير في وسائل الاتصال , أن يمر دون تاثير ثقافي قوي و شديد الحدة و الاتساع يماثل شدة و قوة الصورة , و إن شدة التغيير في الوسيلة لا بد أن يتبعها شدة مماثلة في تغيير الرسالة نفسها , و حتى في تغيير شروط الاستقبال , و من هنا يأتي التغيير الثقافي من خلال التحول من الخطاب الأدبي و النثر إلى خطاب الصورة , و من ثقافة النص إلى ثقافة الصورة , و هذا التأثير سوف تتغير معه قوى التأثير الاجتماعية .

و كما تعودنا في الثقافة التقليدية , حينما كنا نسمي قادة الفكر في أي امة من الأمم , و حين كنا نحتفل في هؤلاء المفكرين و نحدد درجة التأثير التي قاموا بها , إننا اليوم في حاجة إلى التعرف على القيادات الفكرية و مصادر التأثير و التنوير , و قد لا يكون ذلك محدد في أشخاص و أسماء , بل ربما يكون عبارة عن نمط كلي متحرك و غير ثابت , و هو يتوسل إلى الصورة كي تقوم في إحداث هذا التغيير , و ربما قد تكون الصورة هي القائد الفكري و الثقافي , من حيث أن الوسيلة تكسب قيمة إضافية و لا تكون هي الرسالة .


* ثقافة الصورة و التغيير في العصر الحديث

إن ثقافة الصورة هي علامة على التغيير في العصر الحديث , و مثلما أن الصورة هي السبب في هذا التغيير , و لأول مرة في تاريخ البشرية الثقافي و الاجتماعي , نجد انفسنا عاجزين عن رؤية أو تسمية قادة حقيقيين , هم يقودون الناس و يؤثرون عليهم فكريا أو سياسيا أو فنيا , و مع ذلك نجد الناس يتأثرون و يتغيرون في شكل جماعي و في توقيت واحد , مما يعني أن هناك قوى تقود هذا التغيير , و الذي لا يمكن وصفه في التغيير الفوضوي , هذا التغيير هم تغيير منتظم و محكم و شمولي , لكن السؤال الأهم ما هي تلك القوة التي تحدث ذلك التغيير ؟ , هي الصورة دون أدنى شك .

لكن هل الصورة شيء عاقل في حد ذاته , و هل الصورة لها قدرة التخطيط و التفكير ؟ , هذا السؤال سوف يؤسس في البحث عن التغيير في آليات الاستقبال , ثم في آليات التفسير و التأويل , و عبر هاتين العمليتين يتم إحداث التغيير في البشرية من ناحية الرؤية و الفهم .


* الصورة و النقد الثقافي

لقد قام النقد الثقافي اليوم في الإعتناء في ثقافة الصورة و مفهوم ما يطلق عليه أصطلاحا ( الثقافة البصرية ) , و تم إدراج و إضافة فصول دراسية في الجامعات , تُدرس مادة الثقافة البصرية و التي هي ثقافة الصورة , هنا بدات عملية التحول الثقافي الكبير , و هو التحول من ثقافة النخبة إلى ثقافة الجماهير .

و عند الأخذ في مفهوم الصورة في اعتبار أنها أداة التعبير , نحن سوف نقع في فخ كبير , هو الصورة الصادقة و الحقيقية من جهة , و من جهة آخرى الصورة الكاذبة و المفبركة , و القول المأثور الشهير " من سمع ليس مثل من يرى " , و هذا القول يعطي إلى حاسة البصر التأثير الأقوى من حاسة السمع , و على مر العصور اعتمدت الثقافة البشرية على تصديق كل ما تراه العين , و هذه الصورة التي يستطيع فيها الإنسان التمييز , بين الشجرة الحقيقية المغروسة في الأرض , و بين ظل الشجرة المنعكس على سطح الماء , ثم التمييز بين الصورة و ظل الصورة , و التمييز بين الحقيقة و الخيال , و بين الوهم و السراب , ثم دخلت الألوان إلى الصورة , و تطورت العلاقة بين حاسة البصر و الألوان و الصور , و لكن بعد أن جاءت السينما اخذت الصورة بُعد اكبر , حيث أصبحت الصورة فعلا صورة تتكلم و تحرك , هذا التحول الكبير في ثقافة الصورة , هو الذي جعل الصورة تتفوق على الكلمة المكتوبة , حيث في حالة الكتابة تظل الكلمات , على الصفحات صماء و لا حركة فيها , و إن كانت الكتابة عبارة عن رسوم أو صور كلمات مدونة , غير أن قابلية النطق إلى هذه الكلمات تكون فقط إلى القارئ , و القارئ هنا هو الذي يحدد مصير تلك الكلمات من ناحية النطق و الدلالة و التفسير .


24\12\2015


----------------------------------------------------

 
 
 

Comentarios


Subscribe Form

Thanks for submitting!

00962786420324

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn

©2018 by Maan Bayya Educational Website. Proudly created with Wix.com

bottom of page