top of page
Post: Blog2_Post

شاشة العالم

  • Writer: Maan Bayya
    Maan Bayya
  • Dec 21, 2018
  • 8 min read

في فيلم فيديو للمخرج (مايكل هانيكه) , ينتقل مراهق محاط في شاشات و صور من عالم افتراضي , إلى حقيقة الفعل من خلال قتل فتاة في مثل سنه , لم يعد العالم الافتراضي مجرد آلة حرب ضد الرابط الإجتماعي فقط , بل ضد التجربة المحسوسة أيضا .

في عالم الحداثة الجديدة , خلال أقل من نصف قرن , تضاعفت الشاشات في كل مكان , إبتداء من الحاسب الآلي و الحاسوب الشخصي , و إنتهاء في الحاسب المحمول و الهواتف الذكية و الساعات الذكية , و مرور في آلة التصوير الرقمية , و إنتهاء في الانترنت و نظام تحديد المواقع العالمي .

و تطور التكنولوجيا و الفضاء الرقمي , و المحطات و القنوات التلفزيونية الفضائية , و أماكن الإنترنت و المدن العملاقة , و النظام المالي الرقمي , و أيضا تطورت اساليب و سلوكيات محفوفة في المخاطر , من خلال العاب الفيديو الرقمية , و العاب رياضية قصوى , و ما تبع ذلك من خمول الجسد البشري و قلة الحركة , و الذي تسب في ضعف الأداء و زيادة الوزن (السُمنة) , و الإدمان , كل شيء أصبح اليوم يتضخم , و كل شيء يصل إلى حده الاقصى يصبح مثير للإشمئزاز و الدوار , لقد أنتقلنا من شاشة واحدة إلى شاشة إتصال ثم إلى شاشة ثلاثية الأبعاد .

و يتطلب التفكير في وسائل الإعلام و السينما فائقة الحداثة , إلى تَبصر سياسي و إجتماعي و إعلامي و أخلاقي , بما يتضمن في ذلك صيرورة الفرد و علاقته في الوجود , و تحليل السينما الجديدة هو من خلال التأمل في كمية و نوعية الإنتاج , و من خلال الملامح المشتركة بعيدا عن أي تسلسل هرمي جمالي في تلك الأعمال الفنية , نحن نشهد حاليا خليطا متباينا على حدود مضطربة , و من هنا ضرورة توضيح كل ما تقوله السينما حول العالم الإجتماعي و المجتمع الإنساني , و كيفية إعادة تنظيم دور وسائل الإعلام , و التي تؤثر على تفكير و إدراك البشر , و كيف تلعب هذه الوسائل في تشكيل توقعات البشر , و ذلك لأن انظمة وسائل الإعلام ليست مغلقة , و ليست إنعكاس خالص إلى كل ما هو اجتماعي , و ينبغي تفسير دور وسائل الإعلام و السينما الفائقة , على نحو شامل من الداخل و الخارج , على اعتبار دور هذه الوسائل تعمل عمل مؤثر , أو اعتبار أنها نموذج خيالي .



* سينما بلا حدود

يتميز التبدل فائق الحداثة في تاثيره , من خلال حركة متزامنة و شاملة على التكنولوجيا و وسائل الإعلام , و حتى على الاقتصاد و الثقافة و الاستهلاك و الجماليات , و حتى على السياسة و المجتمع , و في هذه اللحظة التي يتأكد فيها النظام الرأسمالي الفائق , و الإعلام الفائق من حيث السرعة في نقل المعلومات , و الاستهلاك الفائق و القائم على العولمة , و التي كانت بدايتها من خلال شاشات السينما , من خلال اعتبار أن الفن السابع أصبح صناعة , لا تقل أهمية عن الصناعات الكبرى و خصوصا صناعة التكنولوجيا .

كل ذلك يشير إلى شاشة شاملة في المعنى الواسع للكلمة , ثم إلى القوة العالمية الجديدة في مجال الشاشة العالمية , مرورا في الحالة الأشمل إلى مفهوم نقل الصورة و الحدث , كل ذلك في فضل تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات الجديدة , هذا هو زمن شاشة العالم , و لكن هذه الشاشة ربما تكون شاشة مراقبة أو شاشة معلومات أو شاشة للتسلية و الترفيه , أو شاشة شبكات إتصال و تواصل , أو تدخل هذه الشاشة في مجال الفن الرقمي و الموسيقى و الفيديو و الألعاب , أو من خلال الإعلان و الحوار و التصوير الفوتوغرافي و المعرفة , و لا يمكن أن ينجو شيء تقريبا من شبكة الشاشة الرقمية , و سيطرة و هيمنة و سيادة هذه الشاشة الجديدة , على جميع مناحي الحياة , و الحياة كلها , و على علاقتنا مع العالم و مع الآخرين , و التي يزداد معها ارتباطنا في وسائل الإعلام عبر الشاشات و الواجهات المرئية العديدة , و لا تكف كل هذه الشاشات عن التلاقي و الاتصال و التواصل .


* الفن الحديث على صعيد الكائن

لان وسائل الإعلام و السينما ولدت في العصر الحديث , و من خلال تقنية حديثة و هدف حديث , و ذلك من خلال تسجيل الحركة في واسطة الصورة , ثم جعل هذه الحركة و الصورة مرئية للجمهور , و من أجل هذا السبب يمكن اعتبار كل ذلك على أنه فن حديث على نحو فطري .

و خلافا إلى كل الفنون الآخرى الراسخة منذ القدم إبتداء من المسرح , و لكن في هذا العصر انبثق اختراع تقني لم يسبق له نظير , و تطورت التكنولوجيا في مجال صناعة السينما , و قد أشار (بليلا بالزاس) إلى هذا الأمر , حيث قال " السينما هي الفن الوحيد الذي نعرف يوم ميلاده , و هو الحدث الفريد في تاريخ الحضارات " , بل هي مثلما اقترح (فيليب موراي) , حيث قال " أن الفن الذي لم يكن عليه التحرر من الدِين , و الفن بل كل الفنون اضطرت خلال قرون من الزمن إلى الانفصال عن المقدس كي تصبح فنا , فن لا غير , و لكن وحدها السينما هي التي خرجت سالمة من هذه المحنة , و لأن السينما هي آخر أنواع الفنون من حيث الظهور , لم يكن لدى السينما أي دور في النضال للتخلص من سيطرة المؤسات الدينية عليها " , و لم تكن الحاجة الفنية هي التي أدت إلى اكتشاف و تشغيل التقنية الجديدة , لا بل هي التقنية الجديدة , و التي حثت على اكتشاف كيفية تشغيل الفن الجديد , ذلك الفن المرتبط في الآلة التقنية , و التي إلى حد بعيد سرعان ما تنجح , و هذا الفن القادم الجديد أصبح أكثر جرأة , و يهدد في تحويل الفن إلى مجرد تقنية تقتحم الفنون التي تلوذ خلف التقاليد .


* فن استهلاك جماهيري

فن جماهيري إذن , لكن أي فن ؟ , و حديث في أي معنى ؟ , إذا ما رسمنا خطا موازيا بين تاريخ وسائل الإعلام عامة , و السينما خاصة , و تاريخ الفنون الأخرى , لا بد من الإشارة في أن الأخيرة شاركت في ثورة الطليعة و الحداثة أولا , و التي تميزت في الرغبة في القطيعة التامة مع التقاليد و العادات الموروثة , مثلما صرح(بول كيلي) , و يسجل (متزينجير) ذلك الأمر في معرض ملاحظته عن تلك الفترة و يقول : " كنت أعلم أن هذه هي نهاية كل تعليم , أخيرا بدأ زمن التعبير الشخصي , و أخيرا ولى زمن المعلم " , أما السينما ليس لها انقلاب ضد القيم , و السينما أصلا لا تملك تلك القيم , و لأن السينما ثابرت في تأسيس نفسها على اعتبار أنها فن أو شكل من أشكال الفن .


* الوهم الكبير

تصطدم حداثة وسائل الإعلام و السينما , و التي لا يذكرها أحد في حجة المقابلة أحيانا , و تتمثل في اعتبار السينما هي فن الخداع البصري , و التي تم كتابة مسيرتها في تاريخ الأشكال الفنية الطويل , و التي تؤسس على الإيهام في الواقع , و التي سوف تكون مجرد وهم منظور , و الذي افتتحه رسامين (كواترشينتو) , أو الوهم الكوميدي في أم الاولاد في مسرح العرائس , و الذي نسقه (كورنيي) , من أجل ذلك السينما و بعيدا عن الحداثة الحقيقية , لن تظهر إذن , من خلال تقنيات خاصة في الفانوس السحري , و التي هي ليست سوى أحد الأشكال الجمالية المهجورة .


* التكنولوجيا العالية

إذا كانت فكرة السينما الفائقة تفرض نفسها , يكون ذلك في سبب شلال الاختراعات التكنولوجية , و التي غيرت من اقتصاد السلسة على نحو جذري , في الإضافة إلى تغيير أنماط الاستهلاك , لقد كانت السينما في التأكيد , و في شكل دائم , هي الفن الذي يستدعي المصادر المتعددة للتقنية , لكن من البديهي تخطي عتبة جديدة مع تطور التكنولوجيا العليا , حيث كان الفيديو اعتبار من فترة الثمانينيات , و لا سيما الفيديو الرقمي خلال فترة التسعينيات , كل ذلك جعل من التقنية تفسح المجال إلى التكنولوجيا الإلكترونية الفائقة , و خاصة في الكمبيوتر , و عملية صقل آلات التصوير , و ظهور الكاميرا المثبتة في الرافعة الضخمة , و الكاميرا الثابتة , و التعقيد التدريجي في كاميرات الفيديو الرقمية , كل ذلك غَير تدريجيا في إمكانيات عمل التصوير نفسه , و السينما في الوقت الحالي هي بعيدة عن أن تكون سينما رقمية على نحو كامل , مع ذلك يظل هناك تحول هائل عبر الصورة الهجين التناظرية الرقمية , و التي تشارك في الفعل في مراحل التصوير و الإخراج , و مونتاج الافلام الناجحة للغاية , مثل (جوراسيك بارك , ملك الخواتم) , و التكنولوجيا الرقمية لا يمكنها فقط تقليص أو إلغاء مكان التصوير , أو تنقيح الصور , أو إعطاء أجواء مركبة مع الممثلين , أو التقاط حركة الممثلين في واسطة الكمبيوتر , حتى تتم إعادة شكل الحركة , من خلال شكل متحرك , و تحقيق شخصيات مركبة و افتراضية على نحو خالص , لا بل هي تجعل من الممكن أيضا عرض مشاهد غير مسبوقة , و التي لم يكن من الممكن تجسيد هذه المشاهد من قبل .


* الفن الرقمي , الشاشة التجريبية

لقد مارست تقنية الفن الرقمي , مثل فن الفيديو , من خلال مبدعين يبحثون عن استخدام إمكانيات التكنولوجيا الجديدة , و التي كانت في نهاية فترة الستينيات , قد فتحت آفاق غير مسبوقة جذريا , عندما قامت في جلب الحرية الإبداعية , و التي لم تكن متوقعة حتى يومنا هذا .

و لم يجذب استخدام المعالجة الآلية للمعلومة في البداية سوى المختصين , مثل (مايكل نول) أو (مانرفيد مور) , و هما قادرين على السيطرة ليس على هذه التقنية و حسب , بل حتى على التراكيب الرياضية و المنطقية التي يمكن إنتاجها , من خلال استخدام هذه المعالجة الآلية , و تلعب الأعمال التي تُنفذ , و المستلهمة من التجريد الهندسي , و عناصر التخطيط مع المجموعات , و مع الخوارزميات , و خوارزميات اللون , فقط في ظهور المايكرو كمبيوتر , في منتصف السبعينيات تقريبا , ثم على نحو خاص مع الصورة المتحركة , و الصور ثلاثية الابعاد في بداية الثمانينيات , حيث انفتح الفن الرقمي , هذا إذا توخينا الدقة , على مستخدمين أقل مهارة في العلوم .


* فن الفيديو , من التعبير الشخصي إلى التعبير الجماهيري

يعلن (جاك لوك جودار) في وقت مبكر بعد عام 1968 , و الذي وجه انتقاد شديد للتلفزيون , و الذي يعتبره قبر السينما , على أنه هو رسول الفيديو , لا بل لقد ترك السينما بعض الوقت من أجل الفيديو , و حتى بعد عودته إلى السينما في الثمانينيات , و منذ ذلك الحين , و حتى بعد انعزاله عن أرضه السويسرية , و هو يواصل أبحاثه على هذا الشكل من التعبير , و الذي يعتبره مرحلة شباب جديدة للفن , و يقول " وُلد الفن مراهقا , و لن يكبر أبدا " , و داخل هذا الولع في تقنية تسمح من خلال سهولة استخدامها , و ضعف التكاليف , في القيام في التجريب , و الذي لا يمكن للسينما أن تتيحه في سهولة , و ذلك نظرا إلى ثقل التكاليف الاقتصادية و التقنية , حيث يتم رسم أولى الصلات بين الفيديو على اعتبار أنه وسيلة للتعبير الفني و السينما .


* سلطة الشاشة

بعد أن أصبحت الشاشة عالمية , هل سوف تكون هذه الشاشة في مثابة حفار القبور إلى الفنون و أشكال التعبير الآخرى ؟ , في إمبراطورية الشاشة الكلية , هل ينبغي أن نرى , مثلما يعتقد البعض عمليات مدمرة , و غزو منهجي ثقافي , حتى تؤسس إلى إبادة الكتابة على الورق ؟ , و التحول من الكتابة على الورق إلى الكتابة على الصورة , و من خلال الصورة , و السؤال الذي يطرح نفسه الآن في قطاع الإعلام , حيث قامت أغلب الصحف الرئيسية و الدولية و القومية و المحلية , في إنشاء مواقع إلكترونية لها , من أجل النشر على الإنترنت , كي تنشئ لها خط محتمل في مراحل التطور , من خلال الفرضية الثابتة من الآن , حول تراجع لا بل و اختفاء الورق المطبوع , و هو ما قد تتعرض له المجلات , و لا سيما المجلات العلمية و الطبية و الجامعية , و التي يتم عرض بعض هذه المجلات على الإنترنت فقط , مثل المطبوعات القصيرة , و التي لن تستطيع تكاليف الصناعة و التوزيع مقاومة الاقتصاد الضخم , و الذي يشكله الإنتقال إلى الإنترنت , بينما يقوم على المعلومة البسيطة , و التي تسمح في فرصة أولوية الإنتاج و التوزيع إلى أجل معين على شبكة الإنترنت , كي يلحق هنا نفس المصير في المراسلة , و التي شهدت تقريبا إختفاء لصالح البريد الإلكتروني , و الرسالة القصيرة , و الذي أدى في دوره و على نحو متناقض , إلى العودة إلى الكتابة , حتى لو كانت هذه الكتابة في شكل أقل إتقان و وضوح .


شاشة العالم

وسائل إعلام و سينما في عصر الحداثة الفائقة

جيل ليبوفيتسكي , جان سيرو

L'ECRAN GLOBAL

Culture-me'dias et cine'ma a' l'age hypermoderne

Par: Gilles Lipovetsky et Jean Serroy


 
 
 

Comentaris


Subscribe Form

Thanks for submitting!

00962786420324

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn

©2018 by Maan Bayya Educational Website. Proudly created with Wix.com

bottom of page