كيف تكتب بحثا جيدا ؟

ما هو البحث -

إذا أردت التعرف إلى آلة ما , أقوم على تجزئة قطع هذه الآلة , و أدرس كل جزء منها على حدة , و عندما اكون عن هذه الآلة فكرة صحيحة و كاملة , يصبح في استطاعتي إعادة وضع جميع الأجزاء في نفس الترتيب الذي كانت عليه , و أكون عندئذ قد استوعبت هذه الآلة , و ذلك لأني قمت على تفكيك قطع هذه الآلة , ثم قمت في إعادة تركيب هذه القطع مرة آخرى - كونديلاك .

لا شك أن خطوات كتابة بحث جيد , و من خلال أسلوب و طريقة ترتيب مواضيع هذا البحث , كل ذلك سوف يجعل من هذا البحث بحث ناجح , من خلال إتباع أسلوب علمي و أدبي منسق , و من أهم خطوات كتابة البحث ما يلي :

1 - التحديد

إن مفهوم البحث يدفع بنا إلى التمييز بين العديد من الحقائق , و البحث قد يكون وثيقة يعدها محامي إلى المحكمة , و قد يكون البحث تقرير تم وضعه من قبل أحد الإدارات في أحدى المنظمات , ويكون هذا التقرير حول موضوع محدد , و في إطار هذا التقرير يتم إتخاذ القرارات المناسبة .

البحث هو وثيقة مطبوعة على الآلة الكاتبة , و يتراوح عدد صفحات البحث بين 40 - 200 صفحة أو اكثر , و يمكن ان ينجز هذا البحث شخص واحد أو عدة أشخاص , و ذلك في إطار تأهيل معين من خلال دراسة أو مهنة , و يكون موضوع البحث قريب من حقل الاختصاص المختار , و ضمن رؤية تاخذ في الاعتبار قواعد و اسلوب المنهج العلمي .

2 - من الذي يطلب البحث

إن العديد من المؤسسات تدخل في مسألة تحقيق بحث معين ضمن برامجها , في الجامعات على سبيل المثال , يتم طلب البحث من أجل الحصول على درجة علمية , أو الوصول إلى مرحلة الدراسات العليا , و في المدارس المهنية , يتم طلب بحث خاصة في المجالات المهنية ذات الطابع الإجتماعي أو المجال الصحي .

3 - أنواع البحوث

البحث ليس نشاط جامد و يسير على نمط واحد , و معظم البحوث تتبع واحد من الانواع التالية :

1 - البحث ذات الطابع الجامع أو الكامل

يختار الطالب موضوع الدراسة , و يجمع الأساس مما كتب في البحث , ثم يقوم في تحليل البحث , ثم يقوم في استخلاص عرض انتقادي , و الطالب هنا يسعى من خلال هذا البحث , إلى إظهار المقدرة على فهم الاعمال المنجزة قبل كتابة البحث , و استيعاب مختلف الآراء , و كذلك المهارة في فتح مجال النقاش , و ربما التعبير عن رأيه الشخصي .

2 - البحث ذات طابع التنقيب

هو البحث الذي يهتم في دراسة موضوع جديد , أو موضوع قل الحديث عنه , و هذا الموضوع في حاجة إلى التنقيب و البحث و الملاحظة , و غالبا يكون هذا النوع من البحوث هو دراسة تجريبية و و هنا يجب على الباحث الذهاب إلى الميدان .

3 - أبحاث تحليل التجارب

و هذا النوع من البحوث يصادف غالبا في مجال التأهيل المهني العالي , و عندما يكون الطالب قد خضع إلى تمرينات عملية , أو مارسوا نشاط علمي , هذا النوع من البحث يقدم التجربة و يعمل على تحليل نتائج هذه التجربة , و ثم تتم مقارنة هذه النتائج مع نشاطات آخرى مشابهة , و غالبا ما ينتج عن هذا النوع من البحوث اقتراحات تسمح في متابعة الأعمال , و حتى إعادة توجيه هذه الأعمال .

* لماذا نكتب البحث

قلائل هم من يعود إليهم حق اختيار موضوع البحث , إلا أن السؤال عن معنى البحث كان دوما موضوع نقاش و تبادل الآراء , و حتى الانتقادات في كل الأحوال و تبعا للموقف , و قد تكون الحاجة إلى البحث هي ضرورة هامة و السبب في تحقيق البحث , و هذا الأمر تدل عليه قوانين الجامعات , و البحث غالبا ما يكون العائق الأخير أمام الطلاب , و الذي يجب إجتياز هذا العائق من أجل الحصول على الدبلوم أو على درجة علمية أو درجة جامعية .

و قد يكون موضوع كتابة البحث من أجل الاستمتاع , و هذا الأمر نصادفه أكثر مما نعتقد , و عادة ما يكون الاستمتاع في كتابة البحث مكبوت في بداية العمل , ثم يبرز الاستمتاع و يستقر خلال الإنجاز , و قد يكون البحث مصدر الرضى العميق , في سبب الإكتشافات الفكرية أو غنى الشخصية أو تجربة المشاركة الشيقة و الممتعة في العمل , و قد يكون الفضول الفكري أيضا مناسبة إلى الاستمتاع العلمي , و هذا الجانب هو أمر قليل ما يحكى عنه .

و قد يكون كتابة البحث من أجل تحقيق تجربة عمل فكري معمق و مستقل , و إن تنفيذ البحث هو نشاط يسمح في تعلم الكثير من الأمور , و نذكر منا التالي :

1 - الإحاطة في مسألة موضوع البحث .

2 - اكتشاف و جمع الوثائق الخاصة في موضوع البحث .

3 - ترتيب مواد البحث .

4 - إدارة التصور الشخصي حول البحث .

5 - في أكثر الأحيان , خلال مرحلة إعداد و كتابة البحث , يكون هناك احتكاك مباشر مع أشخاص و مؤسسات و حقول العمل المختلفة .

6 - تحليل المعلومات و تطبيق روح الإنتقاد .

7 - التعبير من خلال كتابة البحث , عن الأفكار و وجهات النظر .

8 - الإسهام في دفع عجلة العلم إلى الأمام , و زيادة المعرفة

9 - تنمية الشخصية و زيادة قدرات الباحث .

* كيف نختار موضوع البحث ؟

على المستوى الفكري , محتوى الحرية هي الحقيقة , و الحقيقة هي التي تجعلنا أحرارا - س . كيركيفارد .

إن اختيار موضوع البحث يتم تبعا إلى الاهتمام في موضوع البحث , أو تبعا إلى اللقاءات و الحوارات العلمية و الفكرية , أو جدوى إعداد موضوع البحث , أو أسباب كثيرة آخرى , و من المعروف غالبا ما يكون موضوع البحث هو من متطلبات مؤسسات التأهيل .

و يكون الباحث في وضع يسمح له في الإجابة عن السؤالين التاليين :

1 - ما هي القواعد التي تحدد إنجاز البحث داخل مؤسستك ؟ .

2 - في أي المجالات تقدم لك مؤسستك إمكانات يسهل الوصول إليها , و ذات صفات جيدة في الوقت نفسه .

و قد يكون هناك مواضيع لم يكتب فيها أحد بعد , و لكن موضوع مثل المواضيع المتعلقة في مؤسسات رعاية المسنين و كبار السن , قد وضعت فيه دراسات و أبحاث كثيرة و متنوعة , و إن اختيار الموضوع يستلزم أيضا اختيار الحقل , حيث سوف يسير فيه البحث , و حيث يجب الاقتراب و الإقامة طويلا في حقل البحث , و من أعمال و تحليلات يجب أن يتآلف معها الباحث .

و يجب أن يكون الوقت اللازم لكتابة البحث كافيا , و عند البدء في في اختيار موضوع البحث , يجب أن تأخذ في عين الاعتبار ميدان الدراسة , التي ينتمي لها موضوع البحث , و عندما تبدأ في تحديد مشروع البحث , قد تجذبك مواضيع عديدة , و غالبا ما تكون هذه المواضيع متشعبة و ذات آفاق متنوعة جدا , إضافة إلى ذلك أنك قد تجهل تماما ميدان الدراسة التي تعالجها أنت , و الأعمال التي أنجزت حول نفس الموضوع , و قد تختار موضوع أكثر عمومية , مثل موضوع الضمان الإجتماعي , التأثيرات البيئية , صعوبات التعلم عند الأطفال .

و قد يظهر لك أن موضوع البحث , الذي خطر في ذهنك موضوع شيق , من حقك طبعا أن تكون لديك رغباتك الخاصة في أختيار موضوع البحث , لكن أنتبه , قد تلحظ فورا أن الموضوع الذي تختاره للبحث , قد يكون موضوع أكثر تشعب و أكثر عمومية , و في حاجة إلى جهود كبيرة , و لن تستطيع أنت وحدك إنجاز البحث , على كل حال أن تعطي إلى مشروع البحث بعداً سهل البلوغ , هذه مهمة حقيقية في حد ذاتها .

* البحث الملتزم

يعتبر البعض أن موضوع البحث يجب أن يكون ملتزما , و في معنى أدق , أن الباحثين يجب أن يختاروا بحثهم , حسب مقاييس تتعلق في العمل السياسي , أو في الالتزام في الحقل الاجتماعي , أو الحقل النفسي , و لكنهم كثيرا ما يعارضون بين هذا الاهتمام , و تطبيق طريقة موجهة علميا , و يعتبرون الطابع العلمي منافي إلى مبدأ الالتزام , إن هذا ليس أكثر من وهم , نحن نستطيع أن نعبر أن ما يوجد من توجه سياسي أو توجه إجتماعي , و الوعود في التغيير , و تغيير التشريعات و القوانين , مثل البحث في حق اللجوء ضد الأمراض و الحوادث في قانون الضمان الأجتماعي , أو تأثير بعض التشريعات على المجتمع , و لكن يمكن أن يختار الباحث عنوان البحث , مثل الخيارات في العمل الاجتماعي .

* البحث العملي

يهتم الكثيرون في أن يكونوا قريبين من التطبيق , في معنى معالجة موضوع البحث في طريقة عملية , و أن لا يضيعوا الوقت في النظريات , و يجعلون من هذا الأمر عامل من عوامل اختيار موضوع البحث , هذا أيضا وهم , و كل تطبيق تمليه النظرية في وعي أو بدون وعي , إذن أن يكون هناك اعتبارات تتعلق في التطبيق , لا يبرر حذف المعلومات النظرية , في معنى أكثر وضوح , لا توجد هناك مواضيع تطبيقية في شكل كلي و كامل , لا يوجد مواضيع بحث تطبيقي صرفة .

* قواعد اختيار موضوع البحث

هناك أربعة قواعد نموذجية تسمح في اختيار موضوع البحث , و هي التالي :

1 - يجب أن يكون الباحث مهتم في الموضوع , اختيار الموضوع يأخذ في الاعتبار , اهتمامات الباحث , و مطالعة الباحث , ذوق الباحث .

2 - يجب أن تكون مصادر موضوع البحث سهلة الوصول , و في متناول يد الباحث .

3 - يجب أن تكون المصادر سهلة المعالجة , و يجب أن يكون لدى الباحث مراجع ثقافية و فكرية , تسمح في المعالجة المناسبة للمواد الضرورية في الدراسة و موضوع البحث .

4 - يجب على الباحثين أن يكونوا في وضع يسمح لهم في التحكم في المنهجية التي يلتزم بها البحث .

* التنقيب , و طرق البحث , و خطط البحث

إن الممارسة العلمية تكتسب في التعلم , و كل البرامج الدراسية تسعى إلى تعليم الممارسة العلمية , على أنها هدف من أهدافها , و تعتمد العديد من خطط التأهيل , و في شكل بارز إلى مواد تكون مدخل إلى تعلم التنقيب , أو الإعداد له مثل , دراسة طرق التنقيب , المدخل إلى التنقيب , التنقيب الإجتماعي , الخطط المتبعة في التنقيب , و يتم بناء الكثير من الأبحاث على أساس نشاط هو عبارة عن التنقيب العلمي , و نحن نعلم و خاصة في مجال العلوم الاجتماعية , أنه يجب أن نحاول اكثر ما يمكن في تحسين المقاربات لدينا , و هذه الأنواع من البحوث و المفيدة حقا , غالبا ما تكون عرضة للمناقشة , و الجهود المتكررة و التي تبذل , من أجل تنقية (إيبيستيمولوجيا العلوم الإنسانية) , و ( إيبيستيمولوجيا - هي دراسة انتقادية تهتم في تطور طرق و نتائج العلوم ) , و مهمة التنقية هذه ليست سهلة حيث أن هذا العلم له علاقات مباشرة مع التطبيق , و هذا يعني إن الأمساك في المعرفة الضرورية وحدها , لا يضمن لنا الحصول على الكفاءة أو إرادة نتحرك من خلالها , إلا اننا بدون طرق التنقيب و التنقية , سوف نكون مضطرين إلى استخدام طرق من نوع (المحاولة و الخطأ) , و التي أثبتت منذ وقت طويل عدم الفاعلية , و ايضا الكلفة الاجتماعية المرتفعة .

* المشرف على البحث

الكل يريد أن يعلم الآخرين كيفية العمل , و لكن لا أحد يريد أن يتعلمها - جان جاك روسو .

- اختيار المشرف على البحث

البحث هو فعل التعلم في النسبة إلى الطالب , من أجل ذلك من المهم أن يساعد هذا الطالب في هذا العمل شخص يضع في متناول الطالب , كل ما يملك من خبرة و معرفة و تجارب , و في الواقع تلتفت أكثر مؤسسات التأهيل إلى هذا الأمر , و تعيين المشرفين على البحوث , و هذا التعيين يأخذ أشكال مختلفة حسب المؤسسات , و هي التالي :

1 - في بعض الحالات , يكون المشرف على البحث في الضرورة الأستاذ ,الذي يعطي المادة التي يتعلق بها موضوع البحث .

2 - في حالات آخرى يكون عند الطالب الحرية في اختيار المشرف على البحث , من بين أعضاء اللجنة التي سوف تقوم في تقييم عمله .

3 - حالات كثيرة آخرى تتفاوت بين الحالة الأولى و الحالة الثانية