مالم يخبرني به أبي عن الحياة

المقدمة

الأباء يحبون أبنائهم , لا يشك عاقل في هذا , والحب لو تدري شيء أعظم ما نريده من آبائنا, الذي لا يوجد في هذا الحب أي شرط جزائي!

وهذا الحب لا يتبع معه كلمة لماذا و كيف و لكن.

لذا وجب علينا أن نقبل جباه و ايادي ابائنا و امهاتنا صباح مساء على دفقات الحب التي أمطرونا بها طوال فترة الطفولة, وساعدتنا كثيرا على مواجهة العالم من حولنا,

ولم نكن نملك يوم ذاك سوى ذلك الحب ... فقط.

-----

أشرق كالشمس

في أوقات كثيرة , نحسب بعض الأشياء حسابات خاطئة , و نسيء بينما نظن أننا نحسن صنعا !

أشياء تلتبس علينا في حياتنا , وتزيد من الهوة التي بيننا وبين آلاخر ...

أحد أهم هذه الأشياء هو تزكية النفس , وإظهار محاسنها , وتسويق خصالها المبدعة الفريدة.

-----

فن الشكوى

أشعر بالعجب الذي يطل من عينيك وأنت تتساءل : فن الشكوي !

أجيب عليك : نعم فن الشكوى , ولا غرابة

دعنا أولا نتفق على شيء هام , وهو أن البشر أو معظمهم لا يحبون الشخص دائم الشكوى , كثير التبرم من ظروف الحياة .

وأننا جميعا ننفر من المرء الذي يحاول أن يصبغ الأيام بفرشاة داكنة , هو قد غمسها في وعاء أفكاره المتشائمة , ونحاول بكل جد تحاشيه أو مقابلته .

دعني أضف معنى آخر مهم وهو أن الشكوى في الحقيقة ليست شرا خالصا .

الشكوى تكون في كثير من الأحيان نوعا من التفكير المسموع أو دعوة للتمرد من أجل كسر حالة ما خاطئة او رد على الظلم او تحطيم عقبة تواجهنا .

دع روحك تلحق بك

لا زلت أذكر هذا جيدا ...

يأتي أبي من عمله في الثانية ظهرا , يضع ما في يديه على طاولة في ردهة البيت , يذهب الى الغرفة يغفو قليلا , توقظه أمي حينما يتم تجهيز الغداء ,

يقرأ قليلا في الجريدة , يحتسي الشاي في استمتاع يشاهد التلفاز بعض الوقت , يخرج ليسامر أصدقاءه يعود مساء , ينام لينهض ,ليبدأ يومه المعتاد مرة أخرى.

هكذا كان يجري الحال قبل سنوات ليست بالطويلة , قبل أن ندخل عصر المعلومات , ثم عصر الاتصالات , بما في هذا العصر من توتر وسرعة وركض محموم.

اليوم يرتدي المرء منا ملابسه وهو يشرب بعض رشفات من الشاي حتى يكمل إصلاح هندامه على الدرج او في المصعد الكهربائي , كي يلحق العمل او موعد هام

و في الغالب لا ينتبه إلى أن نسي شيئا هاما إلا بعدما يجلس على المكتب وهو يظن أن كل شيء على ما يرام .

ويعود الى بيته مساء , مكملا حديثه مع العميل الشرس في الهاتف , وربما أراد أن يدخل على شبكة الإنترنت من أجل إرسال او إستقبال بعض البيانات الهامة .

مالم يخبرني به أبي عن الحياة

كريم الشاذلي