top of page
Post: Blog2_Post

يقظة الذات - براغماتية بلا قيود

  • Writer: Maan Bayya
    Maan Bayya
  • Dec 21, 2018
  • 7 min read

* فلسفة العصر

إن الوعد في الحرية من منظور المُسلمات متعددة الأوجه , و التنازل عن الإدعاء في رؤية العالم من النجوم , و اعتناق الحالة المُحرجة للكائن البشري , و هو يكافح ضد البنى المؤسسية و البنى المفاهيمية التي تقيد حرية الكائن البشري , و تقديم عرض المساعدة على تفكيك و إعادة اختراع هذه البنى , في حيث يمكن للكائن البشري أن يصبح أعظم و أكثر حيوية , في الإضافة إلى جعل هذا الكائن البشري أقل عرضة للتضليل , لا شيء من كل هذا كان في وسعه أن يكون كافيا , حتى تكون البراغماتية ما هي عليه اليوم من زاوية و رؤية فلسفة العصر .

أصبحت البراغماتية فلسفة العصر عن طريق الانكماش , و قد تحولت البراغماتية على أيدي العديد من انصارها , إلى صورة آخرى من الشيخوخة المتنكرة في زي الحكمة , و هؤلاء يعتقدون أنهم قد اصبحوا ناضجين , لكن هم في الحقيقة قد سقطوا , و كما أننا قد فقدنا الثقة في المشاريع الكبرى , سواء كانت تلك المشاريع المتعلقة في النظريات أو في السياسة , و ثم نحن اصبحنا نعيش من دونها .


* خيارات مرفوضة

نحن نستيقظ في عالم متميز , و هو ليس مجرد العالم الطبيعي الذي نسكنه و نعيش فيه , بل هو عالم المؤسسات و الممارسات , بما فيها من ممارسات استطرادية , و التي لا تزال سائدة حولنا و في جميع الأحوال , و على أي حال نحن نتعرف على أنفسنا دائما , سواء كنا افراد أو في توافق مع الآخرين , أو مصادر للمبادرات التي تقاوم البنى الراسخة للتنظيم و المعتقدات , و ثم ماذا عساه أن يكون موقفنا إتجاه مثل هذه البنى من التنظيم الراسخ و المعتقدات المشتركة ؟ , هل يجب أن نستسلم إلى هذا التنظيم و نحاول استخلاص أفضل ما فيه , و استغلال أقصى ما يمكننا منه .

ليس هناك سؤال يأتي أكثر طبيعية , عندما نفكر و نحن متحررون و لو في درجة قليلة من درجات التحرر , من خلال السعي وراء الاهداف المباشرة في السياق الآني , و ليس ثمة سؤال يأتي أكثر طبيعية لأن التفكير و أنت على بُعد مسافة ما من ضغوط الأعمال الملحة , هو نفسه التصرف الذي نقوم به , و كأن علاقتنا في البنى التي نجدها حولنا منفتحة في الرغم من المقاومة , و كأن في وسعنا التفريق بين هذه البنى و بيننا .

و رغم أن الوصول إلى هذه الحقيقة العليا يتطلب منا وقفة مع الذات , و التي يجب أن تزيد سرعة هذه الوقفة عادة في بعض الأسى الساحق للقلب , و هو ما يقوض ارتباطنا في عالم الظلال و الظلام , و يفتح الطريق أمام ارتقائنا إلى رؤية الحالة الحقيقية .


* الفلسفة الدائمة , و عدو الفلسفة الدائمة

إن معيار تصنيف المواقف الفلسفية هنا , لم يعد الموقف الذي نتخذه إتجاه الترتيبات الأساسية للمجتمع و الثقافة , بل هو الموقف اتجاه حقيقة و سلطة الاختلاف , أي الاختلافات بين الأشياء و الناس .

و في التاريخ العالمي للفلسفة , كانت هناك وجهة نظر سائدة إلى درجة أن وجهة النظر هذه تستحق وسام

Label , و التي صاغها (لايبنيتز) Leibniz , و هي الفلسفة الدائمة (Perennial Philosophy) ,

و في رغم ذلك قد رُفضت وجهة النظر هذه في حماسة متزايدة , لدى الأصوات الرئيسية في الفلسفة الغربية , و في صفة عامة كانت فلسفة الغرب معارضة إلى المفهوم الذي كان سائد خارج الغرب , من خلال الكثير من تقاليد الفكر , لكن يتعين على هذه المعارضة الغربية أن تجد أساس محكم , لأن هذه المعارضة لم يسبق أن وسعت نطاق التمرد ضد وجهة النظر السائدة بعيدا بما فيه الكفاية , و ثمة طريقة لتحديد مهمة البراغماتية الراديكالية , و هي القول ان وجهة النظر هذه هي وجهة نظر راديكالية

(Radicalization).

و تحدد و جهة النظر السائدة و وجهة النظر المعارضة , من خلال فهم كل منهما إلى حقيقة التغير و الاختلاف , مثل ما نصادفه في العالم الظاهري (Phenomenal) , و يتضمن كل منهما أيضا مقاربة متميزة إتجاه مشكلات السياسة و الأخلاق , و في هذا المعنى نجد أن مجموعة الخيارات الثقافية ضمن مجموعة جزء من كل , و التي تعتبر مواقف بديلة حول النظام الاجتماعي و الثقافي السائد في هذا العصر .

لقد ساد مذهب وحيد حول الاختلاف و الوجود في التاريخ العالمي للفكر , و وفقا إلى وجهة النظر السائدة هذه , و التي تعتبر أن العالم الظاهر إلى الاختلاف و التغير ليس سوى وهم , أو في معنى آخر إذا لم يكن وهم , هو يكون إذن مجرد تعبير ضحل و سريع الزوال عن الوحدة الاكثر واقعية إلى الوجود , إن الكل المتعدد الاجزاء (manifold), و الذي يبدو كل شيء داخله على ما هو عليه , و يكون مختلف عن كل شيء آخر ليس هو الحقيقة المطلقة , و إن السمة الخادعة أو السطحية للاختلاف في الكل المتعدد الأجزاء , تنطبق أيضا على أعظم الاختلافات و أكثرها أهمية في النسبة إلينا , أي الاختلافات بين الأشخاص , لكن الفلسفة الدائمة ترفض هذه الاختلافات و تعتبر هذه الاختلافات مضللة .

إن الحقيقة المطلقة هي قوة وحيدة (طاقة - روح - وجود) , و تظهر لنا هذه الحقيقة متنكرة في صورة انقسام و اختلاف و تميز , و على أي حال مثل هذه الانشقاقات , و التي تبلغ ذروتها في تفرد الاشخاص هي انشقاقات ثانوية (epiphenomenal), و إن لم تكن هذه الحقيقة خادعة نحن نجدها تذكر كيف نلتقي و ندرك العالم في العادة , و ليس كيف يكون العالم في الواقع , و في أحسن الاحوال ربما تكون هذه الحقيقة عابرة و سطحية , و ربما تفشل هذه الحقيقة في النفاذ إلى جوهر الوجود .

و وفق الفلسفة الدائمة يمكننا التبصر في الحقيقة , من خلال تحرير عقولنا و إرادتنا من استبداد التميز و التغيير الخادع أو التغيير السطحي أو الخرافات أو الضلالات أو الإحباط الذي يخضعنا له هذا الاستبداد .



* حقيقة الزمن , تحوّل التحوّل

- الزمن حقيقي

ليست هناك حقيقة أكثر اهمية لأن نقر بها , إذا أردنا أن نفهم أنفسنا و مكاننا في هذا العالم , إن حقيقة الزمن ليست ملاحظة تافهة , بل هي مقترح ثوري تطوري , و غير متوافق مع جزء كبير من العلم و الفلسفة التقليدية , و في صفة خاصة هي تمثل لعنة للفلسفة الدائمة (Anathema) , حيث تتخذ الفلسفة الدائمة زيف الزمن على أساس عقيدة رئيسية لها , و في النسبة إلى الوجود الإلهي و الوجود المطلق , و في النسبة إلى العقل و إلى حد مشاركة العقل في مثل هذا الوجود , و إن جميع الأحداث الجارية في العالم , و وفق تلك الفلسفة تكون احداث متزامنة , و ليس هناك سوى وجود حاضر أبدي .

و ليست الفلسفة الدائمة وحدها هي التي تقاوم الإقرار في حقيقة الزمن , و أيضا العلاقات المنطقية و العلاقات الرياضية من خلال الفرضيات و البراهين , إذا أشارة هذه الفرضيات و البراهين إلى الأحداث التي يبدو أنها تقع ضمن الزمن , تبدو هذه الفرضيات مثل الفرضيات السرمدية , لا وجود إلى الزمن في البراهين و القواعد الرياضية , و في التالي بعد أن نخلص انفسنا من تأثير الفلسفة الدائمة , قد نستمر في اكتشاف المؤامرة ضدّ الإقرار في حقيقة الزمن , و هذه الحقيقة مترسخة في الحصن الداخلي لحياتنا العقلية و النفسية و الاجتماعية .

و في معنى ما لم يتم تفسيره بعد , قد تتغير القوانين و الظواهر معا , و مع ذلك هي لا تتغير على نحو خارق بل تتغير لسبب , و من الناحية الآخرى , إذا كانت حقيقة الزمن حقيقة سطحية , و إذا فشلت هذه الحقيقة في المرور في جميع المراحل , إذن يكون التفسير السببي لها يجب أن يكون محدود في وصول هذا التفسير نفسه إلى الدرجة نفسها و المعنى نفسه , و حيث يفشل الزمن تفشل السببية , و هنا يسيطر التزامن

(Simultaneity) .


* وعي الذات - تخيل الإنسانية

إن مفهوم الذات و العقل اللازم , من أجل التزويد البديل و الكافي إلى الفلسفة الدائمة , يجب أن يدرك في ممارسات العلوم الاجتماعية و العلوم الإنسانية , هذا إذا نحن رغبنا في إدراكه أصلا , و إذا كان منظور الإنسانية المستنيرة في موضوعات القوة , و الاحتمال , و التجريبية , و المستقبلية , هي صميم أي براغماتية راديكالية , و إن إدراك هذا المنظور في الطريقة التي نستخدمها , من أجل أن نفهم من نحن , و ما هو الوضع الذي سوف نصير إليه هو تلك الفلسفة ذاتها , و نحن لم ننجح في برنامجنا الثقافي , حتى حولنا الممارسات التي نفسر بها تجربتنا , و نتناقش بها حول فرص نجاحنا .

و في عالمنا اليوم نجد العلوم الاجتماعية و العلوم الإنسانية تهيمن عليها نزعات مناهضة إلى مثل هذا البرنامج , و من ثم هناك تزايد متصاعد في أهمية ثلاث طرق في التفكير , و هي التالي :

1 - التفكير الإنساني - Humanization, Humanitarian thinking .

2 - التفكير العقلاني - Rational thinking

3 - طريقة التفكير الإفلاتية , الإفلات أو الهروب من الواقع - Escapism .

و طرق التفكير الثلاث السابقة تتخذ كل منها , مكان مخصص لها في مجموعة متميزة من المجالات , و هناك صراع شديد بين انصار هذه الطرق في التفكير , و على الرغم من كل هذا , هذه الطرق الثلاث تعمل معا في جهالة لنزع سلاح التخيل المتجاوز , و تثبيط الإرادة المحولة (Transforming Will) , و يتم تطبيع و تطويع هذه النزاعات من خلال رؤيتنا للمجتمع , حتى يبدو أن هذه النزاعات تقوض هذه الرؤية , و ما دام مجال الصراع العملي و الصراع الأيديولوجي حول شروط الحياة الاجتماعية محددا , سوف يظل مثل هذا التطويع لا جدال فيه .

إن المعتقدات التي أصبحت تهيمن على نحو متزايد , على العلوم الاجتماعية و العلوم الإنسانية تؤدي إلى نتيجة مماثلة , و لكن في طريقة غير مباشرة , و هذه المعتقدات تفعل ذلك عن طريق الإدعاء , في أن القيود غير المرنة أو القوى شبه القانونية هي التي تشكل أساس المؤسسات أو الممارسات , و أشكال الوعي الحالية أقل منها في تجاهل أو إنكار تخيل الفرصة التحولية , أي الخطوات التالية التي يمكننا من خلال الفكر و الممارسة أن ننتقل من هنا إلى هناك .


* الشبكة العالمية للفلسفة

في التاريخ العالمي للفلسفة , هناك عدد صغير من الخيارات الفكرية التي لا تزال تتكرر , و على أي حال إن الطريقة التي يتكرر فيها ذلك الجزء من الفلسفة , و الذي يعرض التعامل مع كل الحقيقة كانت مختلفة تماما , عن الطريقة التي تتكرر فيها في الفلسفة العملية التي تتعامل مع الحياة الاجتماعية و الفعل الإنساني و السياسة و الأخلاق .

في الفلسفة العملية للسياسة و الأخلاق هناك القليل من المواقف الفكرية , و التي تم تطويرها من مفردات مختلفة , و التي مثلت في دورها الجزء الاكبر من أشد الأفكار تأثيرا , و على أي حال هناك الكثير مما يحدث أو يمكن أن يحدث و أحيانا قد يحدث في سرعة كبيرة جدا , إن الصراع بين المواقف الفلسفية , و الذي قد يبدو في بداية الأمر صراع غير قابل إلى الحل , يتم حل هذا الصراع في إتجاه محدد , من خلال توجيه الفكر إلى سياق التغيير التراكمي , بدل من تكرار تلك المواقف , أو استخدام طريقة التذبذب السرمدي , من خلال تحليل المواقف من وجهة نظر خاصة .


يقظة الذات

براغماتية بلا قيود

روبرتو مانغابيرا أونغر

The Self Awakened

Pragmatism Unbound

Roberto Mangabeira Unger


 
 
 

Comentarios


Subscribe Form

Thanks for submitting!

00962786420324

  • Facebook
  • Twitter
  • LinkedIn

©2018 by Maan Bayya Educational Website. Proudly created with Wix.com

bottom of page